لقد دارت دورة الانحياز على كافة المكونات اللبنانية ولم يحصد لبنان إلا الويلات والدمار من المقايضة بين جزء من السيادة لصالح الخارج مقابل مكاسب داخلية ضيقة قد تستثنيه من لعب دوره في اعادة حياكة العلاقة الاقتصاديَة، السّياسيّة والثّقافيَة العالمية بين الغرب والشرق.
الحياد المطلوب بمعنى التحييد، هو خيار وطني يصونه الدستور الذي ينص على أن لا شرعية لأي سلطة تناقض الميثاق الوطني، وهو من المبادئ المؤسِّسة لقيام دولة لبنان الكبير.
وبالتأكيد، لا يُفهم من الحياد الحياد عن الصراع العربي مع إسرائيل، والحياد هو ما تتضمنه مقدمة الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني لجهة القول حرفياً إن "لبنان وطن حر سيد مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحد أرضاً وشعباً ومؤسسات في حدوده المنصوص عنها في هذا الدستور والمعترف بها دولياً، ولبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو عامل ومؤسس في جامعة الدول العربية، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة، ويلتزم مواثيقها، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ...".
والمراد من الحياد هو ان يكون منهجاً ووسيلةً للخروج من دائرةِ الصراعات الخارجية التي عطلته داخلياّ على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية منها.
ولا يعني الحياد أن نقف على نفس المسافة من طرفي النزاع أو أن نساوي بين المجرم والضحية تحت هذا الشعار، أو أن نمتنع عن التضامن مع الضحية ونبذل كافة الجهود الإنسانية والديبلوماسية الممكنة لنصرته.
ان حياد لبنان يعني التزامه بمقررات الشرعية الدولية وجامعة الدول العربية وحصر قرار الحرب والسلم بالمؤسسات الدستورية بهدف تجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنيّة وسلمه الأهلي واقتصاده المتهاوي لأنه أصبح نقيض البيئة الاستثمارية الحاضنة للأعمال التجارية.
ان توسُّع دائرة الحرب القائمة على قطاع غزة لتشمل لبنان سيكون له عواقب وخيمة وكارثية على لبنان المتعثر أصلاً اقتصادياً وسيقضي بشكل نهائي على كافة الجهود التي بذلها القطاع الخاص لتعافيه، ولو جزئياً، في هذه الظروف المستحيلة التي فرضت عليه.
وعليه، فان شبكة القطاع الخاص اللبناني تدعو كافة المعنيين بالعمل جاهدين لضبط النفس وحصر الاشتباكات الحالية وعدم استدراجنا الى حرب وتأييد مبدأ الحياد والمطالبة بتطبيقه وتطبيق دستور الطائف والقرارات الشرعية الدولية لا سيما القرارات1559 و1680 و1701.