تم اكتشاف "متلازمة دوار ما بعد الزلزال" بعد زلزال اليابان في عام 2011، والذي بلغت قوّته 9 درجات على مقياس ريختر واعتُبر من أكبر الزلازل في العالم. على أثره، أجرى علماء يابانيون سلسلة من الدراسات شملت مجموعات كبيرة من الناس. وقد بيّنت النتائج إرتفاع معدّلات الإصابة بالدوار أو الشعور بهزة رغم عدم حصولها. إذ يشعر البعض بذلك لمدة تقلّ عن دقيقة في نوبات من وقت إلى آخر، بينما يعاني بعض الأشخاص من هذا الشعور طوال الوقت بعد الزلزال.
وقد وجدت الدراسات أنّ التأثيرات المرتبطة بالزلازل تؤثر بشكل كبير على أعراض الأذن الداخلية، والوظائف اللاإرادية والجوانب النفسية.
يتمثل التفسير العلمي لهذه المتلازمة بأنّ الدماغ يعالج المعلومات القادمة من الجلد والعضلات والعينين والأذنين بهدف الحفاظ على الشعور بالتوازن. وعندما يحدث الإرتعاش القوي في الجسم نتيحة الزلزال، فإنّ ذلك يتعارض مع الأداء الطبيعي للجسم، ممّا يسبّب خللاً بعد انتهاء الزلزال.
والأشخاص الذين تعرّضوا للهزات الأرضية أو الزلازل، أو الذين كانوا على مقربة من مكان حدوثها، قد يحدث لديهم شعور بالتوتر أو الخوف أو القلق، وهذا ما يؤثر على الجهاز العصبي اللاإرادي لديهم، ويؤدي لحدوث عدم تطابق بين الجهاز الدهليزي للأذن الداخلية المسؤول عن التوازن الحركي وبين الجهازين البصري والحسي، ممّا يدفعهم إلى الإعتقاد الخاطىء أنهم يتعرّضون لزلزال أو هزة أرضية.
لا تزال أعراض "متلازمة دوار ما بعد الزلزال" غير محدّدة بشكل حاسم، وهي تختلف من شخص لآخر، وقد تستمرّ لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر. ويمكن تصنيف هذه الأعراض كما يلي:
• شعور وهمي باهتزاز الجسم.
• الشعور بتأرجح القدمين في الهواء.
• الشعور بعدم التوازن.
• طنين الأذن.
• مشاكل في البصر.
• اضطرابات النوم.
• القلق.
• التعرّق.
• الحمّى.
• القيء.
أما الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة ب"متلازمة دوار ما بعد الزلزال"، فهم الذين شعروا بالهزة بشكل قوي، أو الذين يعانون من اضطرابات القلق أو اضطراب كرب ما بعد الصدمة، أو الذين يعانون من دوار الحركة، أو الذين يسكنون الطوابق المرتفعة. وتكون الأعراض أكثر شيوعاً لدى الراشدين، وتظهر لدى النساء بنسبة أكبر من الرجال.
لا يوجد علاج خاص بهذه المتلازمة، إلا أنه يمكن التخفيف من أعراضها، وذلك كما يلي:
• التدريب البصري من خلال جعل العين تركز على شيء بعيد.
• إغماض العينين للتقليل من الإضطرابات الحسية البصرية.
• الجلوس أو الإستلقاء لتنشيط الدورة الدموية في الرأس.
• الإكثار من شرب الماء.
• الحفاظ على اللياقة البدنية.
• إتباع تمارين العلاج الفيزيائي.
• التدريب على الإسترخاء.
• تخفيف متابعة الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
• تمضية وقت في الطبيعة، وخاصة في المساحات الخضراء الفسيحة.
• طلب الإستشارة الطبية والنفسية عند الضرورة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ تزايد الشكوى من "متلازمة دوار ما بعد الزلزال" لدى اللبنانيين مرتبط بما يمرّون به من ضغوط حياتية وأزمات نفسية ناجمة عن انهيار وطنهم بكلّ ما يحمله من معاني الأمل والتفاؤل والإستقرار والطمأنينة والأمان والطموح والشغف والأحلام المنتظرة ... أعادهم زلزال الجوار إلى لحظة تفجير عاصمتهم في الرابع من آب 2020، تلك اللحظة التي اهتزت فيها أجسامهم ونفوسهم وقلوبهم، تاركة في داخلهم صدمة العمر التي لم يستطيعوا تخطّيها ولم يُسمح لهم بالتعافي منها.
يمكنكم متابعة صفحة موقع Business Echoes على إنستغرام من خلال الضغط هنا.