أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إطلاق مشروع "Stargate"، وهو مبادرة ضخمة تهدف إلى إنشاء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي بقيمة قدرها 500 مليار دولار بشراكة بين OpenAI وأوراكل وشركة الاستثمار اليابانية "سوفت بانك" وجهات أخرى.
وأوضح ترامب في حفل أُقيم في البيت الأبيض أن هذا المشروع يشكّل أكبر مشروع للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في التاريخ، ويهدف إلى الحفاظ على ريادة الولايات المتحدة في هذا المجال.
وشهد إعلان المشروع حضور شخصيات بارزة مثل ماسايوشي سون، رئيس شركة سوفت بانك، وسام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، ولاري إليسون، الرئيس التنفيذي لشركة أوراكل.
ومع إعلان توفر 100 مليار دولار كتمويل أولي مع وعود بضخ بقية المبلغ خلال أربع سنوات، أثار إيلون ماسك، مستشار ترامب البارز ومنافس سام ألتمان المدير التنفيذي لـ OpenAI، شكوكاً حول جدية المشروع، قائلاً عبر حسابه في إكس إن المشروع "لا يمتلك فعلياً التمويل المُعلن".
بوابة النجوم
تعني كلمة Stargate التي تُطلق على المشروع "بوابة النجوم" بالعربية. وهي في الأساس مصطلح مرتبط بسلسلة خيال علمي شهيرة تحمل الاسم نفسه.
ولم يكن استخدام هذا الاسم لمشروع استثماري ضخم في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي مجرد اختيار عشوائي، بل هو اختيار رمزي يحمل دلالات عميقة تتعلق بالتقدم التكنولوجي الواعد لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ويعكس رغبة الولايات المتحدة في الطموح والتوسع والتأثير العالمي في هذا المجال.
ويعود التخطيط لمشروع Stargate إلى إدارة الرئيس السابق جو بايدن، إذ كشف عن الفكرة لأول مرة في مارس/آذار من العام الماضي. وكانت OpenAI قد أكدت سابقًا الحاجة إلى تسريع عملية التخطيط والبناء لتلبية الإقبال المتزايد على البنية التحتية للطاقة نتيجة التوسع في بناء مراكز البيانات واستهلاكها المفرط للطاقة.
وتضم قائمة الشركاء في المشروع شركات كبرى أخرى مثل مايكروسوفت و Arm وشركة الاستثمار التقني الإماراتية MGX، بالإضافة إلى NVIDIA و Arm.
تفاصيل المشروع
يتضمن المشروع بناء مراكز بيانات جديدة ومنشآت لتوليد الكهرباء في عدة مواقع داخل الولايات المتحدة، وقد بدأ العمل بالفعل على أول مركز في ولاية تكساس، وفقاً لما أعلنه لاري إليسون، المدير التقني لشركة أوراكل. ومن المتوقع أن يوفر المشروع نحو 100 ألف فرصة عمل خلال مدة التنفيذ.
وتأتي هذه المبادرة في وقت يشهد استثمارًا متزايدًا في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، مع توقعات بنمو الإقبال العالمي على هذه المراكز بأكثر من ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، لكن محللين حذّروا من أن مشكلات تتعلق بالطاقة والأراضي والتصاريح قد تعوق تنفيذ مثل هذه المشاريع.
وفي السياق نفسه، أكد سام ألتمان خلال إعلان المشروع أن Stargate سيكون المشروع الأهم في هذا العصر.
الطموحات الأميركية في الذكاء الاصطناعي
تحتل الولايات المتحدة الصدارة عالميًا في استثمارات الذكاء الاصطناعي، إذ أعلنت شركات كبرى مثل مايكروسوفت وأمازون استثمارات ضخمة في هذا المجال خلال الأشهر الأخيرة فضلًا عن الاستثمارات السابقة. وتسعى الإدارة الأميركية إلى تسهيل الإجراءات أمام المستثمرين، وتقديم الدعم اللازم لتطوير البنية التحتية.
وتمتلك الشركات الأميركية مراكز البيانات الكُبرى اللازمة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتشغيلها، كما تمتلك نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً. وبالإضافة إلى ذلك، فإن شركات أميركية مثل إنفيديا وإنتل و AMD أو شركات من دول حليفة لها، مثل Arm و TSMC، تسيطر على سوق تصميم الرقاقات المتطورة وتصنيعها لاستخدامها في تشغيل مراكز البيانات، وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وتحاول الولايات المتحدة بهذا المشروع تعزيز تفوقها على منافسيها، وفي مقدمتهم الصين التي ترى في امتلاكها تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة خطراً وجودياً عليها، فضلًا عن بريطانيا والدول الأوروبية.
وبالإضافة إلى ضخ الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي، تحاول الولايات المتحدة أيضاً من جهة أخرى فرض قيود صارمة على تصدير رقاقات الذكاء الاصطناعي إلى دول مثل الصين، بجانب تقييد وصولها إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تطوّرها الشركات الأميركية.
تحديات وانتقادات
وإلى جانب الشكوك التي أثارها ماسك حول التمويل، ظهرت مخاوف أخرى من تأثير مراكز البيانات في إمدادات الطاقة داخل الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تساؤلات عن دور المستثمرين المتعددين في مشاريع الذكاء الاصطناعي الأمريكية.
ويخشى بعض الخبراء توجه إدارة ترامب باندفاع نحو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي دون مستوى مناسب من الرقابة والمسؤولية، وقد زادت تلك المخاوف بعد إلغاء ترامب أمراً تنفيذياً سابقاً وضعه بايدن عام 2023، يهدف إلى وضع معايير أمان، ومراقبة المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، يرى المؤيدون أن هذا المشروع يعكس التزام الولايات المتحدة بتعزيز ريادتها التقنية عالمياً، خاصةً أن استثمارات الذكاء الاصطناعي قد تكون المحرك الأساسي للاقتصاد الرقمي المستقبلي.