وأشارت الأدلة المنقولة إلى أنَّ المخاوف الأمنية وانعدام اليقين السياسي في البلاد فرضا قيوداً على الطلبيات الجديدة، ولكن رغم ذلك، كان الانخفاض في الأعمال الجديدة الواردة الأدنى في سلسلة الانخفاض الحالية التي امتدت لأربعة أشهر.
والجدير بالذكر أنّ الأعمال الجديدة الواردة من العملاء الدوليين أظهرت قدراً ملحوظا من التعافي في منتصف الربع الأخير من العام 2023 مع ارتفاع طلبيات التصدير الجديدة للمرة الأولى منذ حزيران 2023 وبأسرع بوتيرة منذ أيار 2015.
وارتفعت توقعات النشاط التجاري خلال تشرين الثاني 2023 في ضوء بوادر التحسُّن في بعض قطاعات الاقتصاد، وتجلَّى ذلك في ارتفاع مؤشر الإنتاج المستقبلي إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر.
ورغم ذلك، ظلَّتْ توقعات الشركات اللبنانية سلبية مع توقع أكثر من نصف (51%) من الشركات المشاركة في المسح بأنَّ النشاط التجاري سيتراجع خلال العام المقبل.
وأشارت بيانات مؤشر بلوم PMI لشهر تشرين الثاني 2023 إلى تردد أكبر في وسط الشركات اللبنانية من تخزين المواد، إذ تراجعت الأنشطة الشرائية للشهر الثاني على التوالي وارتفع معدَّل انخفاض الأنشطة الشرائية بصورة طفيفة إلى أعلى مستوى له منذ عام تقريباً، في حين لم يشهد مستوى المخزون أي تغيير لتنتهي بذلك سلسلة تراكم المخزون التي استمرَّت لثمانية أشهر.
وفي غضون ذلك، ساعد انخفاض الأعمال الجديدة الواردة الشركات اللبنانية في تخفيض الأعمال غير المنجزة خلال شهر تشرين الثاني 2023، وانخفضت الأعمال غير المنجزة للشهر الثاني على التوالي ولكن بوتيرة طفيفة. وكثَّفت الشركات اللبنانية أنشطة التوظيف بدرجة طفيفة رغم انخفاض الأعمال غير المنجزة.
أما بالنسبة للأسعار، فقد أشارت بيانات المسح لشهر تشرين الثاني 2023 إلى استمرار الضغوط التضخمية على الأسعار. وارتفعت النفقات التشغيلية نتيجة ارتفاع أسعار الشراء وربطت الشركات اللبنانية ذلك بتقلب الظروف التجارية. ونتيجة لذلك، رفعت الشركات اللبنانية أسعار سلعها وخدماتها للشهر السادس والعشرين على التوالي سعياً إلى التعويض عن تآكل الهوامش الربحية.
وتعليقاً على النتائج، قال الدكتور علي بلبل، كبير الاقتصاديين/مدير الابحاث الاقتصادية في بنك لبنان والمهجر للأعمال، إن ارتفع مؤشر PMI لبنان من 48.9 نقطة في شهر تشرين الأول 2023 إلى 49.5 نقطة في شهر تشرين الثاني 2023، ورغم بقائه تحت حاجز الـ 50 نقطة، يشير إلى التخفيف من حدة المخاوف الأمنية لأنَّ لبنان تجنّب المشاركة بشكل مباشر بالحرب في قطاع غزة.
وأضاف د. دكتور علي بلبل أنه علاوة على ذلك، ورغم تراجع الطلبيات الجديدة محلياً بدرجة طفيفة، غير أنَّ ارتفاع مؤشر طلبيات التصدير الجديدة إلى 50.8 نقطة كان الأبرز والأعلى في ثماني سنوات، ولعل هذا دليل بأنَّ سعر الصرف المنخفض لليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي بدأ في زيادة تنافسية شركات القطاع الخاص اللبناني، لافتاً إلى أن ما كان أيضاً مثيراً للاهتمام هو ارتفاع مؤشري التوظيف وتكاليف الموظفين الذي أشار إلى تعافي سوق العمل، وإن بمعدلات منخفضة، وسيرتفع المؤشران والمؤشرات الفرعية الأخرى بمعدلات مرتفعة في حال تصميم وتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية حقيقية فقط.