على الصعيدِ الاقتصادي-المعيشي في لبنان، يعرض المؤلف لأسبابٍ متعددة ابرزها: ارتفاعِ مستوى بطالةِ اليدِ العاملةِ اللبنانيَّةِ ونقص في فرَص العمل، والمُزاحمة غير المشروعة، وارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية، وزيادة استهلاك الطاقة الكهربائية، وارتفاع كلفة الخدمات العامة الصحية، والعديد من الانعكاسات المُتعدّدة الأوجه والإرتداداتِ السلبيَّةِ على الاقتصادِ اللبنانيِّ وتراجع القطاع الخدماتي بنسبة، وانهيار البنى التحتية، وانعدام الحماية الاجتماعية، وعدم القدرة على تلبيةِ الحاجات الملحةِ والمتزايدة يومياً في مجالات البنى التحتيةِ والخِدْماتِ العامة... واستشراء الفساد في الهبات والمنح التي تقدمها من المنظمات الدولية.... وانهيار سعر الليرة اللبنانية ونزع ثقة الشعب اللبناني بالقطاع المصرفي الذي كان يشكل حجر الزاوية في القطاع الاقتصادي اللبناني... ناهيك بالغلاء والوباء (كورونا COVID-19 )، وتدهور البيئة الحضرية والعمرانية من خلال التلوّث، لا سيما تلوّث المياه والمواد الغذائية، وانفجار بيروت في 3 آب 2020... مما يثير مَسألةِ "الأمن البيئي" وأهميةِ توفيرِ نَوعِيَةِ الحياةِ، والصحة العامة للانسان اللبناني وعدمِ دَفْعِ كِلْفة هذا الوضع المتردّي مِن صِحّته وسَلامة غِذائه (الأمن الغذائي) ... كل ذلك وسط ارباك رسمي كامل وعاجز عن اتخاذ ابسط التدابير للحد من التدهور، ووسط عدم توافق على وصف المُشكلة... وهنا تساءلت المؤلفة: اليس ما سبق تعداده جريمة موصوفة ترتكب بدم بارد، وتفتت مقومات الامن الوطني، وتشتّت القُدرات السياسية، وانهيار الإقتصاد، وتمزّق أوصال المُجتمع... أليست هذه الأوضاع شبيهة بما حصل في الأمس من ثورة العمال وانهيار أنظمة اقتصادية وضبط أنظمة أخرى.
اضف انّ تَرَسُّخَ فِكْرةِ الإقتصادِ الوَطَنيِّ المَدْيونِ لدى الشابِ اللبنانيِّ، مضافةً اليه بطالةُ العديدِ منهم الناجمةُ عن العوامل المذكورة أعلاه، واضطرارِهم الى إِمْتِهان المِهَن الهامشيّة، والحُصولِ على مداخيلَ مُتدنيّةٍ وعدمِ الإِكتِفاءِ الذاتي بالحاجاتِ الأساسيّةِ... وحلول المكننة التقنية مكان العامل اللبناني تحديات عصرية بارزة، بحيث يُمكن أَنْ يُؤدّي هذا الوضع بالشباب اللبناني إلى شُعورٍ بالإِستِهْزاء بالدَوْلَةِ وعدم احترامها، ولجوءِهم إلى المُخدرات للهروب من واقعهم المرير، أو إلى التَدْخين، والسُكر بالكحول، وغيرِها من العاداتِ التي تُعْتبر عواملَ مهيِّئة للإجرامِ، والدُخولِ الى عالِمِ الإجرامِ والعُنُف، "فالفقرَ مُوّلِدُ الثوراتِ والجريمةِ".
ويبقى الأهم ان الأحكامُ القضائية تُعتبر محطّ اهتمام الدول وتَصدُر بإسم شعوبها؛ إذا كان العدلُ أُولى دعائم كيان الدولة، فإنّ القضاءَ هو افضلُ مظهرٍ يتجسّد به العدلُ وركنٌ اساسيّ في منظومَةِ استقرار الأنظمة؛ فلا وطن ولا دولة قانون دون قضاء مستقل وسليم. فالمحكَّ الحقيقيّ لكُلّ إصلاحٍ يَنْشُد الثِقة والمِصداقية في محاكم مُنِصفة، وتوفير ظروفٍ وضوابط وضمانات مُحاكمة عادلة، باعتبارها من ثوابتَ العدَالةِ الجزائيةِ المُعاصرةِ.
و ختمت المؤلفة كتابها بالعبارة التالية: إنّ أي اقتصاد ليس في خدمة الشعوب هو ليس بإقتصاد انما احتكار.