باتت التحديات المرتبطة بتوليد وإمدادات الطاقة الكهربائية في لبنان تجسّد أولوية وطنية في الوقت الراهن في ظل ما تفرضه أزمة الطاقة من ضغوطات تثقل كاهل المجتمع والاقتصاد اللبناني. ويعتمد لبنان على زيت الوقود المستورد في توليد معظم إمدادات الطاقة الكهربائية، حيث تتسبب فاتورة استيراده حالياً بربع العجز في الميزانية الوطنية تقريباً، بينما تتجاوز مستويات الطلب قدرة توليد الطاقة الكهربائية في البلاد.
وفي حين يتم النظر في حلول قصيرة الأمد، يتمثل الحل طويل الأمد والقابل للتطبيق بتنفيذ تحول واسع النطاق إلى الطاقة المتجددة. وتبدي الحكومة اللبنانية موافقتها على هذا التوجه في ظل محاولات مستمرة لتطوير قطاع الطاقة الشمسية في لبنان، وقد حددت هدفاً طموحاً لتوليد 30% من إجمالي استهلاك الطاقة في البلاد من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
وفي الواقع، يتمتع لبنان بمناخ مواتٍ لخيار الطاقة المتجددة. ومع طقسه المشمس على مدار 300 يوم في السنة، ثمة إمكانات هائلة في مجال الطاقة الشمسية. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للبنان توليد ما يقارب 5،400 ميجاواط من طاقة الرياح، في حين قد يؤدي التركيز المتجدد على الطاقة الكهرومائية إلى عودة القطاع لفترته الذهبية عندما كان لبنان يعتمد على موارده المائية لتوليد أكثر من 60-70% من إجمالي الطاقة.
ويمكن أن يؤدي الاستثمار في هذه المجالات إلى الإسهام في تقليل انقطاعات التيار وتوفير إمدادات الطاقة من مصادر متجددة ومحلية بالكامل، مما يساعد البلاد على توفير القطع الأجنبي. كما تعد الطاقة المتجددة بتوفير فرص عمل جديدة، لتعالج بذلك إحدى الأولويات الرئيسية الأخرى في لبنان من خلال توفير فرص العمل عالية الجودة للشباب.
وعلاوة على ذلك، يمكن لمثل هذه النتيجة إيجاد حل لأزمة إمدادات الطاقة الكهربائية التي تواجه قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. وكان معالي وزير الاتصالات اللبناني جوني قرم قد تحدث عن الآثار السلبية التي تفرضها إمدادات الطاقة الكهربائية المتقطعة على عمليات الاتصالات. ووجدت الشركات المشغلة لخدمات الاتصالات في الدولة نفسها مضطرة للجوء إلى المولدات العاملة بوقود الديزل لتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل مواقع الأبراج الخليوية لتعويض انقطاعات الشبكة الكهربائية، حيث تستهلك هذه الشركات مجتمعة أكثر من 200 طن من الديزل كل 24 ساعة. وسجلت تكلفة الوقود ارتفاعاً هائلاً لتشكل نسبة 64% من نفقات شركات الاتصالات بعد أن كانت عند حدود 7%، لتتحول الطاقة بذلك إلى أكبر النفقات وأكثرها تكلفة في ميزانياتها.
ونتفق مع معالي الوزير في قوله أن التعاون بين القطاعين العام والخاص يمثل الحل الأفضل للنهوض بقطاع الطاقة المتجددة في مواجهة تحديات الطاقة التي تعترض قطاع الاتصالات.
وفي هذا الصدد، أبرمت شركة "هواوي" اتفاقية لتقديم حلول الطاقة الرقمية مع الدولة اللبنانية ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في العام الحالي. وبموجب الاتفاقية، ستقوم "هواوي" بنشر حل الطاقة الرقمية الخاص بها، والذي يغطي الجوانب المتعلقة بتوليد الطاقة الكهروضوئية الذكية، ومنشأة مركز البيانات، والطاقة اللازمة لتشغيل الموقع، ونظام mPower، والطاقة المدمجة، والطاقة الذكية المتكاملة. واعتباراً من تاريخ 30 سبتمبر 2021، ساعدت منتجات وحلول الطاقة الرقمية من "هواوي" العملاء على توليد 443،5 مليار كيلوواط/ ساعة من الطاقة النظيفة مع توفير 13.6 مليار كيلوواط/ ساعة من الكهرباء، أي ما يعادل إزالة 210 مليون طن من الانبعاثات الكربونية.
وعلاوة على ذلك، تعهدت "هواوي" بمساعدة وزارة الاتصالات في تصميم الحلول المناسبة لتمكين مشغلي خدمات الاتصالات في لبنان من تقليص النفقات التشغيلية المرتبطة بالوقود. ونتيجة لذلك، وضعت "هواوي" خطة مشتركة لإبرام الشراكات في مجال حل الطاقة الرقمية مع شركات "ألفا" و"تاتش" و"أوجيرو" في لبنان. ويمكن لشركة "هواوي" مساعدة شركات الاتصالات هذه على التحول من استخدام وقود الديزل باهظ الثمن لتشغيل محطاتها مع توفير حل طويل للأمد لمشكلة الطاقة بناءً على مصادر الطاقة المتجددة. وبالنسبة لمثل هذه المناطق التي تعاني من ضعف أو غياب إمدادات الشبكة العامة، تعمل "هواوي" على دمج تقنيات إلكترونية مثل تخزين الاستطاعة الكهربائية والطاقة الحرارية والطاقة باستخدام تقنيات رقمية مثل السحابة والذكاء الاصطناعي وقدرات الاتصال لتبسيط تدفق الطاقة والمعلومات. وتحل الطاقة الشمسية مكان المولدات التقليدية لتلبية متطلبات إمدادات الطاقة في سيناريوهات متطلبات الطاقة الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وتوفير إمدادات طاقة صديقة للبيئة وشاملة وتتسم بكفاءة التكلفة في المناطق التي تشهد تواجد الشبكات العامة أو غيابها.
ومن ناحية أخرى، يحرص لبنان على استكشاف الإمكانات التي تنطوي عليها شبكات الجيل الخامس لتمكين الاقتصاد الرقمي في المستقبل. ومع نهاية عام 2018، أبرمت شركة "تاتش" شراكة مع "هواوي" لإجراء أول تجربة تشغيل تجاري لشبكات الجيل الخامس في الدولة. وفي ضوء نشر المزيد من مواقع الجيل الخامس، يزداد الطلب على إمدادات الطاقة المطلوبة لتشغيل هذه المواقع أيضاً. وبناءً على الهدف المتمثل بتأسيس شبكات الطاقة المنخفضة الانبعاثات الكربونية، أطلقت هواوي حلولاً منخفضة البصمة الكربونية خلال كامل دورتها التشغيلية وقادرة على تلبية متطلبات جميع السيناريوهات في مجال إمدادات الطاقة اللازمة لتشغيل المواقع من أجل مساعدة مشغلي خدمات الاتصالات على نشر شبكة الجيل الخامس دون أي نفقات تشغيلية إضافية مرتبطة بإمدادات الطاقة اللازمة لتشغيل المواقع، وتقليص نفقات رأس المال إلى حدودها الدنيا، وإنشاء شبكات صديقة للبيئة ومنخفضة البصمة الكربونية.
ولطالما كان لبنان يعتبر بمثابة مركز تقني ووجهة للأطراف المعنية من كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لرسم خارطة طريق تقنية المعلومات والاتصالات للمنطقة بأكملها. ومن خلال إيجاد الحلول المناسبة لتحديات إمدادات الطاقة بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة ثم تطبيق حلول الطاقة الرقمية لاستشراف مستقبل قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، يمكن للدولة اللبنانية الاستمرار بلعب دور محوري في مسيرة التحول الرقمي للمنطقة.