تحدّث في الجلسة الأولى العميد المتقاعد الدكتور عادل مشموشي تحت عنوان "تنسيق الجهود في إرساء الأمن، هل يقتضي توحيد الأجهزة الأمنية في وزارة واحدة؟"، فأشار إلى أنّ عملية تحقيق الأمن تُعَدُّ من أهم المعضلات التي تواجهها المجتمعات البشرية منذ نشأتها، حيث برزت تحديات أوجدتها الأنماط الإجرامية التي تزامنت مع حلول العولمة بأساليبها ووسائلها وأدواتها، وتَرسَّخَ عالم افتراضي رقمي مواز للعالم الواقعي، أتاح الكثير من الفرص أمام المجرمين وأصحاب النفوس المنحرفة لارتكاب العديد من السلوكيات الخطرة التي ينطوي بعضها على سلوكيات مجرمة. هذا التطور الذي شهده الفضاء السيبراني الافتراضي أوجب على صناع القرار الأمنيين إيلاء اهتمام ملحوظ بالأمن الرقمي، خاصة بعد أن أصبحت التكنولوجيا الرقمية والتقنيات الذكية متاحة للجميع أفرادًا وعاملين في المنظمات والإدارات والمؤسسات، وجزءًا من حياتهم اليومية.
أمّا الجلسة الثانية فكان المتحدّث فيها المستشار السابق للشؤون العسكرية في رئاسة الحكومة، العميد المتقاعد مارون حتّي، تحت عنوان "الإستراتيجية الدفاعية ودورها في مستقبل بناء الوطن"، فأكّد أنّ من شأن مسار موثوق وفعال لتنظيم الوثائق الوطنية المتعلقة بالأمن والدفاع، أن يقوّض عمل المنظمات الخارجة عن الدولة وتلك المختبئة فيها، أما في لبنان فقد حلّ مفهوم الحسابات الضيّقة للفئات النخبوية المتصارعة على السلطة ولرُعاتها وأسيادها الخارجيين. لذا فمن الضروري أن يعود تنظيم المستندات الموجِهة للدفاع والأمن إلى أساساته التقنية كونه أداة دائمة لهذا التنظيم، من أجل تحويل لبنان إلى دولة ذات سيادة، ولتصبح الدولة اللبنانية يومًا ما أمرًا واقعًا. وختم حتّي الجلسة بالقول إنّه إذا قرر لبنان تنظيم مستندات مُرشِدة للدفاع والأمن الوطني، عليه أن يبذل جهودًا ثابتة للتخطيط بصورة صائبة، وتحديد حجم القوّة اللازمة للمؤسسة العسكرية، والقدرات الواجب تأمينها لها لتمكينها من تنفيذ مهماتها، وإذا لم يفلح في ذلك، فسوف يبقى في حالة تخطيط عشوائي لتحسين قدرات قوى عسكرية مُتوارثة ينقصها الوضوح حول الإستراتيجية والطرائق والوسائل، إن لم نقل إن النقص هو في النوايا والإرادة.