حافظت وكالة التصنيف الدوليّة فيتش Fitch Ratings هذا الأسبوع على تصنيفها الإئتماني الطويل الأمد بالعملة الوطنيّة وبالعملات الأجنبيّة Long-term local and foreign currency IDR للدولة اللبنانيّة عند B-، في حين عدّلت النظرة المستقبليّة إلى سلبيّة.
وأبقت وكالة فيتش تصنيف سندات الدين غير المضمونة والمعنونة بالعملات الأجنبيّة Senior unsecured foreign currency bonds والسقف السيادي عند B- والتصنيف الإئتماني القصير الأمد بالليرة اللبنانيّة وبالعملات الأجنبيّة Short-term local and foreign currency IDR عند B.
وبحسب الوكالة، يعود هذا التغيير في النظرة المُستقبليّة للبنان إلى الإرتفاع المُستمرّ في العجز في الموازنة وفي الحساب الجاري ومديونيّة عالية، ترافُقاً مع تباطؤٍ في نموّ الودائع وإعتمادٍ مُتزايد على أدواتٍ غير تقليديّة لمصرف لبنان من أجل تخفيف وطأة الضغوطات المذكورة.
وذَكَرَت الوكالة أنّه من المُتَوَقَّع أن يصل العجز في الموازنة إلى 10.6% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2018، مقارنةً بمتوسّط بَلَغَ 8.2% من الناتج المحلّي الإجمالي خلال الفترة المُمتدّة بين عامَي 2012 و2017، ويُعزى ذلك بشكلٍ أساسيٍّ إلى العبء الكبير لسلسلة الرتب والرواتب والتحويلات إلى شركة كهرباء لبنان، مع الإشارة إلى أنّ تزايُد حاجات الحكومة التمويليّة في ظلّ إرتفاع معدّلات الفوائد عالميّاً يزيد من المخاطر المُتعلِّقَة بالإستقرار المالي في البلاد وإستدامته.
وأشارت فيتش الى أنّه وبالرغم من النموّ المُستمرّ للودائع، فقد شهدت وتيرتها تباطؤاً حيث أنّها زادت بـ 3.7 مليار دولار لغاية شهر تشرين الأوَّل 2018، مقارنةً بإرتفاعٍ بـ5.9 مليار دولار خلال العام 2017 ومتوسّط إرتفاع سنويّ بلغ 8.7 مليار دولار خلال الفترة المُمتدّة بين عامَي 2011 و2017.
وأضافت أنّ مصرف لبنان يستمرّ بدعم الإقتصاد اللبناني بشكلٍ ملحوظ عبر المحافظة على مستوى عالٍ من الإحتياطات بالعملة الأجنبيّة بالرغم من العجز الكبير والمُتكرِّر في الحساب الجاري، ولكن هذا التدخُّل المُستمرّ لمصرف لبنان عبر الهندسات الماليّة والرزَم التحفيزيّة يعكس الضغوط المتصاعدة على الإقتصاد المحلّي. وترتبط هذه الضغوط بالآفاق الإقتصاديّة المتواضعة، وضعف الماليّة العامّة، وهشاشة الوضع السياسي الداخلي بحيث أنّه معرَّض في أيّ لحظةٍ للتأزُّم والفراغ، والتوتُّرات السياسيّة الإقليميّة. هذه العوامل تُعوِّض عنها بشكل جزئيٍّ مؤشّرات التنمية البشريّة الجيّدة والسجلّ التاريخي لسداد الدولة اللبنانيّة مستحقّاتها كاملةً وعند إستحقاقها، وهي أمور تعلِّل مجتمعةً ثبات التصنيف السيادي للبنان عند B-.
وقد سَلّطت فيتش الضوء على أهمّية تطبيق الإصلاحات وتحسين الماليّة العامّة للدولة في تعبيد الطريق أمام لبنان للإستفادة من المساعدات التي تمّ رصدها له خلال مؤتمر سيدر وتخطّت قيمتها الـ11 مليار دولار، والتي من شأنها أنّ تحدّ من العجز في الموازنة وتعزيز الإستثمار، وبالتالي تحسين الآفاق الإقتصاديّة للبلاد.
وأخيراً، كَشفت فيتش أنّ أي إنحسار في قدرة المصارف اللبنانيّة على إستقطاب الودائع أو قدرة مصرف لبنان على المحافظة على مستوى إحتياطات بالعملة الأجنبيّة كافٍ للحفاظ على الثقة في إستقرار سعر صرف الليرة قد يدفعها إلى تخفيض تصنيفها السيادي للبلاد.
في المقابل، ذكرت الوكالة أنّ أيّ تحسّنٍ في مستوى الثقة في الوضع السياسي الداخلي أو في الإستقرار في المنطقة أو في ديناميكيّة الدين العامّ من شأنه أنّ يُساهم في رفع تصنيف لبنان.