على الرغم من كل الازمات التي تعصف بالعالم، من تراجع اقتصادي وتراجع بأعمال اللبنانيين المغتربين في الدول التي يعملون بها، اضافة الى الحروب والاحداث التي تخفّض من حركة الأعمال هنا وهناك، الا ان تحويلات المغتربين حول العالم قد ترتفع خلال العامين القادمين، وإن بوتيرةٍ أدنى، في حين ان هناك تحديات تواجه تحويلات المغتربين الى دولهم، منها المخاطر التي تتهدّد النموّ الإقتصادي في العديد من الدول، والضوابط التشريعيّة الصارمة المفروضة على شركات تحويل الأموال.
فقد توقَّع موجَز الهجرة والتطوير رقم 30 الصادر عن البنك الدولي، أن يرتفع حجم تحويلات المغتربين إلى لبنان بنسبة 4% سنويّاً خلال العام الجاري 2018 إلى 7.8 مليار دولار اميركي، ليحلّ بذلك في المركز الثاني إقليميّاً من حيث حجم التحويلات الوافدة، تسبقه فقط مصر بحجم تحويلات 25.7 مليار دولار، دائماً بحسب تقديرات البنك الدولي.
وقد تبوّأ لبنان المركز الثالث على صعيد المنطقة من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلّي الإجمالي للعام 2018 والتي بلغت 14.5%، مسبوقاً من اليمن (24.2%) والضفّة الغربيّة وقطاع غزّة (21.3%). وقد أضاف البنك الدولي أنّ متوسّط تكلفة إرسال الأموال إلى لبنان من كلٍّ من أستراليا، وكندا، وألمانيا، والمملكة المتّحدة لا تزال الأغلى بين نظرائه الإقليميّين.
وعالمياً، قدَّر البنك الدولي الزيادة في تحويلات المغتربين في العالم بنسبة 10.2% خلال العام 2018 إلى 689 مليار دولار، متوقِّعاً أن ترتفع هذه التحويلات بنسبة 3.8% في العام 2019 إلى 715 مليار دولار وبنسبة 4.5% في العام 2020 إلى 747 مليار دولار وقد عزا البنك الدولي أرقام العام 2018 هذه إلى الحركة الإقتصاديّة وحال التوظيف الجيّدة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، وتحسُّن وتيرة التدفُّقات الماليّة من روسيا ومنطقة مجلس التعاون الخليجي في ظلّ تعافي أسعار النفط عالميّاً. في المقابل، لَفَتَ التقرير إلى سلسلةٍ من التحدّيات التي قد تحدّ من تحويلات المغتربين حول العالم خلال الفترة المقبلة، منها المخاطر التي تتهدّد النموّ الإقتصادي في العديد من الدول، وتبنّي وتطبيق سياساتٍ هجرة حازمة في الكثير من البلدان المرسِلة للتحويلات، إضافةً إلى تصاعُد كلفة التحويل وسط بروز معوقاتٍ هيكليّةٍ كالضوابط التشريعيّة الصارمة المفروضة على شركات تحويل الأموال.
من منظارٍ آخر، من المرجَّح أن تحصد الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسّط حصّة الأسد (نحو 76.6%) من تحويلات المغتربين العالميّة المقدّرة للعام 2018، كما هو الحال منذ العام 2010 على الأقلّ. في التفاصيل، إرتقب التقرير أن تتركّز غالبيّة التحويلات إلى البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسّط في منطقتَي شرق آسيا والمحيط الهادئ (142 مليار دولار اي مانسبته 26.9% وجنوب آسيا 132 مليار دولار اي ما نسبته 25.0% في هذا الإطار، يتبيّن من خلال التقرير أنّ تحويلات المغتربين إلى البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسّط تتبع نمطاً مماثلاً للتحويلات الماليّة العالميّة، بحيث من المُقدَّر أن تنمو بنسبة 10.8% خلال العام 2018 إلى 528 مليار دولار، ومن المتوقَّع أن ترتفع بنسبة 4.0% في العام 2019 إلى 549 مليار دولار وبنسبة 4.4% في العام 2020 إلى 573 مليار دولار أمّا على صعيدٍ إقليميٍّ، فقد قدَّر البنك الدولي أنّ تزيد التحويلات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 9.1% في العام 2018 إلى 59 مليار دولار، وأن ترتفع بنسبة 3.4% في العام 2019 إلى 61 مليار دولار، ومن ثمّ بنسبة 3.3% في العام 2020 إلى 63 مليار دولار، وبحسب التقرير، يعود هذا التباطؤ المُتَوَقَّع في وتيرة النموّ بالأخصّ إلى إستقرار أسعار النفط عند مستويات أدنى وإنحسار النموّ الإقتصادي في دول مجلس التعاوُن الخليجي. في هذا الإطار، ستشكِّل التحويلات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 11.4% من حجم التحويلات إلى الدول الناشئة و8.6% من حجم تحويلات المغتربين العالميّة في العام 2018.