أطلقت جمعية الصناعيين اللبنانيين برئاسة الدكتور فادي الجميل، صرخة صناعية، طالبت فيها الدولة بالتحرك السريع لإنقاذ القطاع الصناعي والحد من مسلسل اقفال المصانع اللبنانية ووقف المنافسة غير الشرعية للمصانع التي ينشؤها النازحون السوريون. ودعت الى اتخاذ اجراءات لحماية الصناعة الوطنية من المنافسة الاجنبية غير المشروعة وانهاء الاغراق ووضع سياسة لزيادة الصادرات واستعادة ما خسرته في السنوات الماضية والمقدر بحوالى مليار و200 مليون دولار.
ودعم هذه الصرخة، وزير الصناعة حسين الحاج حسن ووزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، اللذان شاركا في المؤتمر الصحافي الذي عقد اليوم في مقر الجمعية، حيث أعلن الحاج حسن انه وقع قرارا طلب فيه من القوى الامنية اقفال كل المصانع غير المرخصة في البقاع. وشدد على ان "هدفنا للسنتين المقبلتين تخفيض وارداتنا ملياري دولار ورفع صادراتنا بالقيمة ذاتها".
أما الوزير خوري، فأعلن عن "خلق خلية أزمة تضع حلولا سريعة لحماية المؤسسات". كاشفا ان "هذه الخلية ستجتمع دوريا لدراسة الحلول والمقترحات ووضع الآليات اللازمة لدعم الصناعة".
حضر المؤتمر رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، المدير العام لوزارة الاقتصاد عليا عباس، المدير العام ليبنور لينا درغام واعضاء من مجلس الادارة وحشد من الاعلام.بداية، القى الجميل كلمة، اطلق فيها "صرخة صناعية"، فقال: "نطلق اليوم أمام الرأي العام اللبناني، صرخة صناعية نابعة من وجع عميق وأليم طال أمده، ومن نزف أصاب هذا القطاع الحيوي والأساسي في اقتصادنا الوطني وفي حياة بلدنا ومجتمعنا، نزف أفرغ الكثير من قدراتنا وقضى على الكثير من مصانعنا. لقد قاومنا وناضلنا وصبرنا لسنوات وسنوات وفي معظم الاحيان سكتنا، لأن واقع الحال في البلد لم يكن مؤهل لانتاج حلول.لكن اليوم، وبعدما عادت الحياة في المؤسسات الدستورية الى طبيعتها بانتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة، نرى انه آن الأوان كي نرفع الصوت عاليا. فالسكوت بات جريمة موصوفة بحق صناعة وطنية تعيش في وجدان كل لبناني، صناعة تعبر عن عراقة ضاربة جذورها في التاريخ، وتعبر أفضل تعبير عن ثقافة اللبناني وتصميه وارادته وكذلك قدرته الفائقة على الابداع والانتاج".
وأضاف: "نعم، بعد اليوم لن نسكت على موت بطيء يضرب جسد قطاعنا الصناعي، لن نسكت عن مسلسل اقفال المصانع، لن نسكت عن استمرار تراجع الصادرات الصناعية، لن نسكت عن تقلص حصة الصناعة الوطنية في السوق الداخلية. ولن نسكت عن مؤسسات غير شرعية تفرخ كالفطر في المناطق كافة من قبل النازحين، لتحل مكان مؤسساتنا الشرعية التي بناها اجدادنا وآباؤنا بعرق جبينهم، لتموت في ليلة ظلماء. لم يعد بمقدورنا السكوت عن دول شقيقة أو صديقة لا تعاملنا بمثل ما نعاملها، فأبواب لبنان مفتوحة لاستيراد منتجاتهم في ما صناعتنا تواجه بعراقيل لا تنتهي. لن نسكت، عن عجز كبير في الميزان التجاري آخذ بالتنامي بفعل خلل مخيف بين فاتورة استيراد تزداد سنويا وصادرات لبنانية على تراجع مستمر".
وتابع: "اليوم وبعد سنوات وسنوات من المعاناة، وبعد عودة عجلة الدولة بكل مؤسساتها الى الدوران، نطالبها بالتحرك السريع لإنقاذ صناعتنا الوطنية ومؤسساتنا مفخرة بلدنا". ونوه ب"موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الداعم الاساسي للانتاج الوطني وللصناعة الوطنية، والذي أكد دعمه لنا ولكل مطالبنا. وكذلك بموقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكد اكثر من مرة وقوفه الى جانب الصناعة واستعداده لاتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية القطاع وتأمين مصلحته".
وذكر الجميل بأن الرئيس الحريري "دعا في المنتدى الاقتصادي المصري - اللبناني وأمام المسؤولين المصريين، الى ضرورة معالجة الخلل بالميزان التجاري بين البلدين وضرورة معاملة لبنان بالمثل لإدخال منتجاتنا الى بلدهم، وهذا أمر هام يجب ان نبني عليه ونواكبه ونلاحقه لنصل الى مطالبنا وحقوقنا".
ثم اعلن "مطالب القطاع التي تعتبر حق لقطاعنا واقتصادنا الوطني، كما انها تعتبر أساسية لوقف مسلسل التراجع والنزف والاقفال، والتأسيس لمرحلة النهوض والازدهار، وهي،
- اولا: بعد كل هذه السنوات من المشكلات والأزمات، لا بد من سياسة تحفيزية للقطاع الصناعي يكون أول بنودها توفير المناخ الملائم للصناعة لزيادة عملها وانتاجيتها ووضعيتها عبر توفير الحماية لها من المنافسة الاجنبية القوية، ووقف الاغراق بشكل نهائي. فالجميع يعلم انه عندما يضرب المرض الجسد، فلا بد من توفير الوقاية والحماية والادوية والمنشطات اللازمة ليستعيد الجسد عافيته ووضعه الطبيعي قبل كل شيء. لذلك نطالب بفرض رسوم حمائية على السلع المنافسة لمنتجاتنا اللبنانية، لا سيما وان هكذا قرار لا يتعارض مع الاتفاقات التجارية الموقعة مع لبنان، كما نطالب برفع نسبة الرسوم الجمركية المعمول بها راهنا قبل الانضمام الى منظمة التجارة العالمية.
- ثانيا: بدء مفاوضات جدية مع شركائنا التجاريين الاساسيين الذين نستورد منهم بمليارات الدولارات ولا نصدر اليهم سوى عشرات الملايين، لاعطاء منتجاتنا الوطنية الأفضلية لزيادة صادراتنا الى اسواقهم وهذا حق لنا ويمكن تحقيقه.
- ثالثا: اجراء مفاوضات مع الدول الشقيقة والصديقة التي تربطنا بها اتفاقيات تجارية وكذلك علاقات تجارية قوية، لجهة تنفيذ كل مقتضيات هذه الاتفاقيات وعدم الاستنسابية التي تحرمنا الكثير من الميزات التجارية التي تتضمنها هذه الاتفاقيات.
- رابعا: المباشرة فورا بإقفال كل المصانع غير الشرعية التي انشأها النازحون السوريون في كل المناطق اللبنانية.
- خامسا: مطالبة المنظمات الدولية وكل الجهات التي توفر الامدادات للنازحين السوريين ان يعطوا الاولوية في مشترياتهم للمنتجات اللبنانية، بدلا من استيراد معظم هذه السلع من الخارج.
- سادسا: المباشرة فورا بخطة لتحفيز الصادرات الصناعية لإستعادة ما خسرناه من صادراتنا في السنوات الاخيرة والتي وصلت الى نحو مليار و200 مليون دولار".
ثم شكر الجميل الوزير الحاج حسن على "كل ما قام به تجاه الصناعة الوطنية"، وقال: "انك أفضل صديق للصناعة وفي طليعة من دافع عنها واعطاها من كل قلبه، فعلا عملت بصدق لإعلاء شأن القطاع. واليوم نقول انك مطالب أكثر من أي وقت مضى لنكون سويا في هذه القضية الوطنية الشريفة". وقال: "كما نعول كثيرا على اندفاع وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري واهتمامه الكبير بالصناعة الوطنية لدعم قضيتنا التي هي بحجم الوطن. وأيضا نعول على الرئيس محمد شقير والصناعي الكبير، لنشكل سويا مجموعة ضاغطة لتحقيق اهدافنا المرجوة".
وختاما توجه الجميل الى الصناعيين بالقول: "لن نسكت بعد اليوم، لن نهدأ لن نستكين. ان القضية التي نناضل من أجلها هي قضية مصيرية، فكونوا مستعدين لتلبية النداء دفاعا عن مصانعكم التي هي تاريخكم ومستقبلكم وحياتكم".
ثم كانت كلمة للوزير خوري، قال فيها: "لن اكتفي بعرض المشاكل، فالمهم أن نتوصل إلى آليات وحلول واضحة تساعد الصناعات على الاستمرار والتطور. من جهتنا كوزارة اقتصاد وتجارة حددنا مواعيد للقاء القيمين على كل قطاع لدراسة المشاكل التي تعترض زيادة الانتاج وبالتالي زيادة الصادرات".
واعلن "سنتخذ اجراءات سريعة، لكن غير متسرعة، لأن لدينا التزامات في اتفاقيات سبق للبنان أن وقع عليها، ونحن نحترمها طالما أنها لا تشكل خطرا على الصناعات والاقتصاد اللبناني". وأكد "ان التنسيق مع الوزارات هو في أعلى مستوى ونحن نتمنى من الوزارات المعنية التجاوب مع وزارة الاقتصاد في تطلعاتها لحماية الانتاج والصناعات الوطنية. من هذا المنطلق، سنسير في اتجاه خلق خلية أزمة تجمع ممثلين دائمين عن جميع الجهات المعنية من ادارات، غرف التجارة والصناعة والزراعة، وجمعية الصناعيين، لكي نتوصل الى وضع حلول سريعة تحمي مؤسساتنا. ومن هذه الحلول، دراسة امكانية دعم المصانع التي تحتاج الى طاقة مكثفة كما سبق وطلب رئيس جمعية الصناعيين. وسنبحث أيضا في امكانية تطوير دعم النقل الذي سبق أن حصل بالنسبة للصادرات الزراعية وسنستفيد من هذه التجربة لدعم النقل لجميع الصادرات، خصوصا في ظل استمرار اقفال معبر نصيب البري".
اضاف: "نحن نعمل كوزارة مع الادارات المعنية على تحديد السلع الحساسة للبنان والواجب حمايتها بشتى الطرق، وهي السلع التي تتمتع بميزة تفاضلية وقيمة مضافة عالية، كما سنطلب من الدول التي تساعد النازحين أن تكون مساعداتها العينية من الانتاج الوطني اللبناني. بالامس قمنا بجولة تفقدية على مرفأ بيروت والتقينا مدير المرفأ والمدير العام للجمارك، واتفقنا على العمل على تسهيل الاجراءات على المرفأ، خصوصا لناحية تسهيل المعاملات المتعلقة بالتصدير كي نخفض الوقت والكلفة على الصناعي اللبناني، الامر الذي يساعده على المنافسة في الأسواق الاقليمية والعالمية".
واعلن عن "اجتماعات دورية لخلية الازمة سنعقدها لدراسة الحلول والمقترحات ووضع الآليات اللازمة لدعم الصناعات التي هي وحدها قادرة على خلق فرص عمل، وبالتالي تحريك عجلة الاقتصاد الوطني".
من جهته، قال الوزير الحاج حسن: "نجتمع اليوم لتحديد مسار انطلاقا من ارقام واحصاءات ووقائع صعبة على الاقتصاد الوطني، وهي حجم الدين العام والعجز في الموازنة وارتفاع نسبة البطالة". وقال: "الحل الاقتصادي مرتبط بامور عديدة، منها سياسية واخرى مالية وضريبية وبنى تحتية. بالنسبة الى الصناعة، تراجعت صادراتنا من 4.4 مليار دولار عام 2011 الى 2.8 مليار دولار عام 2016. لذلك آن الاوان لمعالجة الموضوع وتحديد الاهداف".
ولفت الى ان "لا توجد مشاكل تجارية بين لبنان واي من الدول. بل اننا ندعو الى تطبيق الاتفاقات التجارية الموقعة. هناك اغراق يتعرض له السوق المحلي، وكل المؤشرات تدل الى وجود اغراق يهدد قطاعات انتاجية عديدة بالاستمرار، ونحن ارسلنا حتى الآن الى وزارة الاقتصاد والتجارة 14 ملفا عن حصول اغراق لسلع ومنتجات محددة ونعمل على تحضير 6 ملفات أخرى. هناك اغراق حقيقي ومنافسة غير مشروعة، بينما في دول العالم هناك دعم لسعر الارض والطاقة والصادرات حتى انهم يبيعون منتجاتهم باسعار ادنى من كلفة الانتاج وهم يصدرون منتجات لا يسمحون بدخولها الى اسواقهم".
اضاف: "لا احد من الدول يخجل بانه يدعم قطاعاته الانتاجية. لذلك حددنا هدفا بتخفيض وارداتنا خلال السنتين المقبلتين بحدود الملياري دولار، ورفع صادراتنا بالقيمة ذاتها، على ان نزيد الاستهلاك في السوق الوطني من المنتجات الوطنية التي تتمتع بمواصفات وجودة عالية، وهي تكفي السوق المحلي ويزيد حجمها. وهكذا تتأمن مصلحة جميع اللبنانيين عندما يرتفع حجم الناتج المحلي وينخفض العجز في الميزان التجاري. كلنا نريد ان يزيد الناتج المحلي وتخفيض نسبة الدين. ولدينا حق بحسب الاتفاقات الموقعة بفرض رسوم نوعية".
وتابع: "والهدف الثاني الذي سنعمل على تحقيقه هو زيادة الصادرات اللبنانية. فلا يجوز ان نبقى نستورد من اوروبا 8 مليار دولار بينما لا تتجاوز صادراتنا اليها الـ 300 مليون دولار، اين المنطق في ذلك؟ اتفقت مع معالي وزير الاقتصاد والتجارة على تحضير رسالة الى الاتحاد الاوروبي نطلب فيها، تسهيل وتحفيز الصادرات اللبنانية الى الاسواق الاوروبية، ومن بين السلع المطلوب تسهيل دخولها الادوية واللحوم والمكسرات والالبان والاجبان والالبسة وغيرها. فرنسا تسورد 600 مليار دولار سنويا، ونأمل ان تزيد صادراتها من لبنان لتصل الى مليار دولار، وكذلك الامر بالنسبة الى ايطاليا واسبانيا وغيرها وهي دول صديقة".
ورأى ان "لبنان يتحمل عبء النازحين السوريين عن كل العالم ولا يبلغ حجمه الجغرافي حجم مقاطعة في احدى الدول، حيث غص العالم كله بمليون لاجىء فقط. ان اقتصادنا في خطر، الهدف اذا ان نرفع الصادرات بقيمة 2 مليار دولار وتخفيض الواردات 2 مليار دولار. وسنعمل على تحقيق برامج اخرى، مثل دعم اقامة المعارض وتخصيص مبلغ مليار ليرة لهذا الامر ودعم النقل وكلفة الطاقة، وهذا الموضوع متوافق عليه مع دولة رئيس الحكومة. فالمصانع تقفل ابوابها ولن نسمح باستمرار هذا الوضع ما لم نسارع الى اعتماد الحلول المقترحة. وهناك بطالة وواقع اقتصادي واجتماعي مرير ولن نسمح ان يستمر، ولا نريد بهذه الاجراءات ان يتضرر احد من القطاعات. الاهم ان نرفع الناتج المحلي 4 مليارات دولار وذلك لاطفاء خدمة زيادة الدين العام الذي سيزيد هذا العام 5 مليارات دولار والعام المقبل أيضا. لقد ناقشنا كل هذه الامور داخل الحكومة وتم التوافق على المعالجة. يبقى على الوزارات والادارات المعنية ان تقوم بدورها وان تعد الملفات المطلوبة للحماية تمهيدا لرفعها الى مجلس الوزراء واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، كما ان نوضح للدول الاجنبية ان ما نقوم به ليس موجها ضدها".
ثم كانت مداخلة لشقير، أكد فيها "دعمه الكامل لمطالب جمعية الصناعيين"، الا انه لفت الى "اننا لا نريد اليوم اضعاف التاجر على حساب المهرب. فنحن لسنا ضد التاجر الشرعي الذي يدفع الضريبة المالية، انما ضد التهريب الذي ينشط، خصوصا من اللاذقية الى بيروت. وبرأيي، يجب اولا ايقاف التهريب قبل كل شيء. اذ لا يجوز اليوم رفع الجمارك على المؤسسات الشرعية لانه سيؤدي الى تشجيع التهريب".
وطالب شقير الحكومة بان "تصدر قرارا باقفال المؤسسات السورية غير الشرعية، على ان ننطلق لاحقا الى معالجة اوضاع المؤسسات اللبنانية غير الشرعية. واقترح اصدار قرار يعفي المصانع اللبنانية غير الشرعية من متوجباتها الماضية، على ان تقوم مقابل ذلك، بتسجيل مؤسساتها وتسوية اوضاعها".
وكشف عن "وجود 12 مصنعا محارم ورقية و50 مطبعة انشأها السوريون بشكل غير شرعي"، داعيا الدولة الى "اقفال المؤسسات غير الشرعية، والى اتخاذ قرار سياسي بموضوع وقف التهريب قبل زيادة اي رسوم جمركية".