رأى وزير المال اللبناني علي حسن خليل في مؤتمر صحفي عن الموازنة العامة للعام 2017، أن واحدة من أبرز القضايا التي شكّلت خلال السنوات الماضية تحد أمام اللبنانيين وأمام الحكومات المتعاقبة هي إقرار موازنة عامة للدولة.
وقال خليل ان الحكومة انتهت من نقاشها قبل يومين واليوم تم تحضيرها لإحالتها إلى المجلس النيابي وفور وصول دولة رئيس الحكومة ستوقّع وستحال إلى المجلس النيابي لبدء مناقشتها في لجنة المال والموازنة. هذه الموازنة تشكّل محطة لإعادة الانتظام الحقيقي إلى المالية العامة وهو واجب وطني وطبيعي وكان يجب أن يحصل منذ سنوات طويلة.
الوزارة أعدّت مشاريع قوانين الموازنات العامة لسنة 2014 و2015 و2016 ورفعتها إلى مجلس الوزراء في المهل الدستورية وطالبت أكثر من مرة بإقرارها في مجلس الوزراء أيضاً ضمن المهل حتى يتسنّى لنا أن نصل الى مرحلة إقرارها في مجلس الوزراء إذا لم يقم مجلس النواب بواجبه. الجلسات التي تمت في الأسابيع الماضية لم تكن عبثاً . كان هناك نقاش واسع في السياسات والتوجهات،
وفي التفاصيل، وحصل بعض التعديل في الإيرادات والنفقات وبعض الإجراءات الإصلاحية الإضافية.
وأضاف خليل في حديثه:
ان سلسلة الرتب والرواتب ستدخل في نفقاتها وإيراداتها من ضمن الموازنة فور إقرارها. حضرّنا أنفسنا على هذا الأساس بأن يكون هناك شمولية لهذه الموازنة تدخل فيها كل نفقات سلسلة الرتب والرواتب والإيرادات التي أحيلت بموجب مشروع القانون الذي يناقش في مجلس النواب. إذا أدخلت هذه الأرقام للسلسلة في الموازنة سيكون هناك أثر ايجابي على تخفيف العجز للموازنة ربما يقارب ال 450 مليار ليرة لبنانية على الأقل. لم نخف أي انفاق على الإطلاق في هذه الموازنة بل كانت هناك سياسة واضحة في إدخال كل الانفاق للدولة اللبنانية داخل هذه الموازنة وكل تقديرات هذه الإيرادات أيضاً. هذا أمر بغاية الأهمية ولو كان تفصيلاً ربما لا ينتبه له البعض، لكننا لم نخف عجزاً ولم نخف إنفاقاً ولا نريد أن نخفي أي انفاق أو عجز في هذه الموازنة.
لقد أدخلنا كل ما له علاقة بالانفاق بما فيه قوانين البرامج التي أقرها المجلس النيابي في جلساته الأخيرة. كل إنفاق دخل، كل توظيف جديد، كل تقدير لتوظيف جديد لإعداد الموازنات لجهة التصنيف الوظيفي وتوحيده والربط بين الوزارات ووزارة المالية في سبيل التمكن من إدخال كل الجهوزات التي تحصل وعمليات الموازنة دون تأخير وتسمح بالحصول على المعلومات الميوممة بشكل كل لحظة بلحظاتها .
ان مديرية الموازنة تعرف ما يجري على صعيد الانفاق في كل الدولة اللبنانية. أدخلنا الربط الالكتروني على 22 وزارة وإدارة عامة ولدينا بعض القطاعات المحدودة التي لم ترتبط الكترونياً بعمل الوزارة وهذا الأمر كان في مشروع أعد مع البنك الدولي لتحديث الموازنة ونظامها في المواد القانونية لهذه الموازنة، أكدنا على الالتزام بسقف الاقتراض من العملات اللبنانية والأجنبية ضمن حدود العجز المقدّر في تنفيذ الموازنة وفي انفاق الاعتمادات المدورّة والاعتمادات الاضافية أيضاً والتزام اطلاع المجلس النيابي فصلياً على نتيجة الاصدارات وسلفات الخزينة وأقساط الديون الخارجية والداخلية والعجز المحقق في تنفيذ الموازنة والخزينة.
هذا إجراء في غاية الأهمية يضع ضوابط كنا قد أعددناها في مشاريع الموازنات 2015 و2016 واليوم في ال 2017 قد أقرت وهي أمر كان دائما مدار نقاش خلال إعداد الموازنات منذ عقدين حتى اليوم.
الأمر االثاني في المواد القانونية هو تطبيق أحكام اتفاقيات الهبات والقروض الخارجية على كامل مشاريع الانفاق للمشاريع الممولة خارجياً واخضاعها للرقابة وفق الأصول. بمعنى آخر، خرجنا من الفوضى المرتبطة بتسجيل القروض والهبات والتي أحدثت إشكالات كبيرة خلال السنوات الماضية وفتحت جدلاً في البلد. لم يعد هناك أي هبة، أي قرض لا يسجل وفق الاصول ولا يضبط في إطار المحاسبة العامة للدولة. ونحن نتكلم عن قيمة لا تتجاوز ال 10 % من الهبات في الفترة السابقة مسجلة وفق هذه القاعدة. تكلمناعن 10% من الهبات المسجلة في السنوات السابقة وفق الأصول في المالية العامة. وضعنا في المواد القانونية ايضا ضوابط لصرف مخصصات الاعتمادات المخصصة لدعم فوائد القروض الاستثمارية من خلال مادة تفرض وضع نظام خاص يقرّ بمرسوم في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية وبعد استشارة مصرف لبنان .
نخصص في هذه الموازنة /200/ مليار ليرة لبنانية لدعم فوارق فوائد القروض الاستثمارية. في السابق لم نكن على اطلاع حقيقي حول كيف توزع هذه القروض والاولويات التي يجب ان تحكم دعم الدولة لها في ما يتعلق بالقطاعات المختلفة من زراعة وصناعة وسياحة او غيرها من القطاعات.
ووضعنا في المواد القانونية ايضا بند يحدد سقف الاعتمادات المخصصة لعجز كهرباء لبنان بقيمة الفين ومئة مليار /2100/ مليار ليرة لبنانية حصراً.
ومن ضمن القوانين ايضا وضعنا مجموعة من قوانين البرامج كمثل ما يتعلق بالتحديد والتحرير وبالضم والفرز وباشغال مائية وكهربائية وطرقات والاهم اننا وضعنا قانون برنامج لتسديد ديون وتعويضات الاستملاكات والاحكام القضائية بقيمة /850/ مليار ليرة لبنانية يغطي تكاليف الاستملاكات في مجلس الانماء والاعمار وفي الوزارات والادارات المختلفة وقد ضُمّن مشروع القانون هذا داخل الموازنة.
في أرقام الموازنة: في النفقات حصلت زيادات على بعض القطاعات الصحية والاجتماعية والتربوية وادرجنا اعتماداً لتحقيق بنى تحتية وعتاد للجيش اللبناني بقيمة /337/ مليار ليرة لبنانية تنفيذاً للقانون 30/2015 ووضعنا انفاقاً اضافياً ب /100/ مليار لوزارة الطاقة اضافة على موازنتها ومشاريع القوانين ومئة مليار /100/ مليار ايضاً لوزارة الاشغال اضافة الى موازناتها وعن مشاريع القوانين، وأعدننا قانون برنامج لتطوير وتوسيع الشبكة الثابتة في الاتصالات ومتمماتها بقيمة /225/ مليار ليرة لبنانية بالاضافة الى الاعتمادات المخصصة لدفع ديون الضمان الاجتماعي .
في بند النفقات حاولنا قدر الامكان الحد من الهدر القائم في بعض الادارات والوزارات واقرينا حسومات على اعتمادات المواد الاستهلاكية في كل الوزارات بقيمة 20% وهذا امر نستطيع ان نحققه كونه يتضمن انفاقاً كبيراً ربما يكون غير مبرر في الشكل الصحيح . كما خفضنا اعتمادات بند التجهيزات بقيمة 25% وهذا الامر سيؤمن وفراً بما يقارب اقل بقليل من /200/ مليار ليرة لبنانية.
على مستوى الايرادات حصلت مراجعة للاقتراحات الضريبية جميعها وما يهمني القول أنه لم توضع اي ضريبة تطال الطبقات الفقيرة او ذوي الدخل المحدود ضمن الموازنة وهذا امر مختلف عما يُناقش في سلسلة الرتب والرواتب والتي نحن جاهزون لاعادة النظر بكل الاجراءات الضريبية التي ربما تنعكس ايجاباً على حياة الناس ومعيشتها، بل على العكس ففي مشروع الموازنة اتخذت اجراءات تخفيفية على المواطن وتخفيزية للاقتصاد، فمن القضايا التخفيفية تخفيض سكن المالك ليصبح 50% من القيمة التأجيرية على الا يقل عن /20/ مليون ليرة لبنانية بدلاً من /6/ مليون ليرة لبنانية فقط، وهذا قد يؤدي الى خسارة الخزينة /50/ مليار ليرة لبنانية لكنه سيترك أثراً كبيراً جداً على حياة الناس ومعيشتهم. كذلك خفضنا غرامات التحقق والتحصيل، وتقسيطاً على رسوم الانتقال وزيادة الحصة المعفاة حسب الشطور حتى تصيب ذوي الدخل المحدود اكثر بكثير مما يمكن ان يستفيد منها الآخرون وايضا حصر الحالات التي توجب على المواطنين الاستحصال على براءة ذمة من الضمان اضافة الى اعطاء مهلة اضافية للاعتراض واعطاء حوافز لإنشاء مؤسسات في المناطق التي ترغب الحكومة في تنميتها . فمن لديه الاستعداد لكي ينشىء مصنعاً في منطقة نائية على سبيل المثال في عكار او البقاع أو الجنوب او في المناطق التي تحتاج او تحدد الحكومة او تفترض انها بحاجة الى تنمية هنالك استعدادات لدعمها بالتوظيف باعفاءات وبغيرها من الامور. وايضاً من الامور التحفيزية تشجيع تحويل الشكل القانوني للشركات واجراء اعادة تقييم للأصول الثابتة. هذه كلها امور سيكون بنتيجتها المساعدة على تخفيف الاعباء وأن تتحوّل الدولة الى دولة راعية معنية بهموم الناس ليس فقط دولة مهتمة بتأمين مواردها من خلال الاعباء الضريبية بالاضافة الى بعض الاجراءات للحد من الهدر والفساد وتحسين الجباية. وقد اشرنا في النقاشات داخل مجلس الوزراء الى مجموعة من الاجراءات التي تطال بعض القطاعات ومنها الجمارك وبالتزام تزويد الادارة شهرياً بالفواتير، تغيير السقف للتسجيل في الـ TVA الى /100/ مليون ليرة لبنانية على الاستيراد والتصدير، الزامية توطين بعض الرسوم، اعتماد الميزانيات المدققة وايضا كان هناك تدقيق في ما هو متوجب على المصارف من ارباح طبيعية مرتبطة بضريبة الارباح وضريبة التوزيع فتبين لدينا انه يمكننا الوصول بالزيادة الى حدود الــ /1150/ مليار ليرة لبنانية، اضافة الى بعض الاجراءات الاخرى في بعض الادارات التي لم تكن تحوّل اموالها بشكل منتظم الى الخزينة كواردات المرفأ التي تحولت بفترة من الفترات الى تطوير اعمال المرفأ والى انفاق داخل المرفأ ونتكلم هنا عن التزام بتحويل ما يقارب ال /150/ مليار ليرة لبنانية الى الخزينة العامة.
وبمعنى آخر على صعيد الواردات فان الموازنة تستند بالدرجة الاولى على تحسين الجباية والادارة الضريبية والدخول الى مكامن جديدة في الضرائب بدلاً من اخضاع المكلفين الى ضرائب جديدة.
في الملخص ما هي الارقام التي لدينا:
النفقات المقدرة /23670/ مليار ليرة لبنانية للعام 2017 مقابل نفقات محققة فعلياً حوالي /22600/ مليار ليرة لبنانية للعام 2016
وكان تقديرنا في العام 2016 ان نصل الى حدود /22933/ ملياراً مقابل ايرادات تبلغ /16384/ مليار ليرة مقابل /14959/ مليار في العام 2016 اي بزيادة قدرها 9.5 % فيصبح العجز بالاستناد الى هذه الارقام /7283/ ملياراً في موازنة العام 2017 مقابل عجز فعلي بلغ /7453/ مليار في العام 2016. رغم انه كان لدينا فائض أولي بحدود /800/ مليار ليرة لبنانية في العام 2016 وعندما نتحدث عن هذا العجز الفعلي علينا ان نقول ان هذا الفرق المحدود جداً والايجابي تأتي من ضمنه الزيادة على خدمة الدين فقط /413/ ملياراً وعلى بند الرواتب ومتمماتها /185/ ملياراً.
ماذا تعني هذه الارقام؟
هذه الموازنة قلصت العجز ولو بنسبة محدودة وخفضت من معدل الدين العام، وعلى اثر هذا التخفيض من المقدر ان ينخفض العجز كنسبة للناتج المحلي الى /8.7 %/ مقابل /9.3%/ عن العام السابق وهنا اهمية القرار في الموازنة بالاستدانة في حدود العجز ونسبة الدين الى الناتج ستبقى برأينا مستقرة.
اود القول في موضوع النفقات انها موزعة كفوائد /7152 / مليار لخدمة الدين و/7374/ مليار كرواتب وملحقاتها و/2100/ مليار كعجز كهرباء قبل ان نضع اي اضافة وفق الخطة الجديدة. يبقى للانفاق الاستثماري الذي زاد عن السنة الماضية ببعض النقاط فاصبح بحدود /11/ مليار ويزيد بزيادة عن الانفاق الاستثماري للعام 2016 ليصل الى حدود /2353/ مليار.
النمو المتوقع نتيجة هذه الارقام والحركة الاقتصادية يجب ان يصل أو يقارب الــ 2% وهي نسبة نمو ما زالت محدودة وبحاجة الى مجموعة من الاجراءات لكي يتم تحسينها.
وسيركز الاتجاه في اعداد الموازنات مستقبلاً على موازنات متوسطة الاجل وقد اعددنا خطة مالية لغاية العام 2022 تستهدف خفض العجز المالي الى /2000/ مليار مقابل /7001/ مليار حالياً هذا سيتحقق برأينا من خلال ادارة فاعلة للانفاق وتطوير القدرات في جباية الايرادات والحد من الهدر والفساد وقد اعطينا اعتباراً خاصاً لزيادة الاستثمارات لتطوير البنى التحتية في جميع المرافق واعطاء حوافز للاستثمار والنمو، وهذه الخطة ستعرض خلال الشهرين المقبلين على مجلس الوزراء لمناقشتها واقرارها.
اتجاهنا هو التوجه نحو اعداد موازنات واقرارها في مواقيتها وسيكون التشديد على تنفيذ الموازنات والالتزام بها، كما سيكون الاهتمام منصباً نحو تحقيق سياسات مالية ترتكز على تحقيق ملاءة مالية توازي اداء الدول التي تتصف بالاستقرار المالي اهمها: كبح العجز، تقليص نسبة الدين الى الناتج والمستهدف الى أن يصل الى 124% في العام 2020 مقابل /144%/ حالياً.
كما ان العجز المستهدف للسنوات المقبلة سيبلغ فقط 3% من الناتج المحلي وهو ما يوازي المؤشرات للمجموعة الاوروبية.
أختم نحن متعهدون ان ننجز كل الحسابات عن المرحلة الماضية هذا امر لا يجب ان يغفل عن ذهن احد على الاطلاق وملتزمون باعداد مشروع قانون لقطع الحساب واقراره وهناك لجنة تعمل الان وستجتمع لدراسة الصيغة القانونية لهذا ا لامر دون المس بمنطق المحاسبة والتدقيق وادوار الاجهزة الرقابية.
وفي هذا تكون سياسة الحكومة اصبحت سياسة واضحة بدأنا فيها بعملية اصلاح ووضعنا انفسنا فيها على اول الطريق.