استضافت غرفة التجارة والصناعة في باريس، الملتقى الاقتصادي الفرنسي – اللبناني ذي البعد الانتشاري، تحت عنوان، لقاءات عمل متقاطعة بين فرنسا لبنان أفريقيا- قوة الشراكة مع الانتشار اللبناني، من تنظيم غرفة التجارة اللبنانية - الفرنسية، وبالشراكة مع اتحاد الغرف اللبنانية، غرفة تجارة وصناعة باريس، وغرفة بيروت وجبل لبنان، مصرف لبنان، جمعية الصناعيين، المعهد العالي للاعمال وBusiness France، وهو يهدف لفتح آفاق من التعاون بين الشركات اللبنانية والفرنسية في الاسواق الافريقية.
وشارك في حفل الافتتاح، رئيس غرفة باريس جان بول فيرميس، رئيس غرفة التجارة اللبنانية - الفرنسية نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان غابي تامر، رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل، رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد المخزومي، رئيس ايدال نبيل عيتاني، مدير عام معهد البحوث الصناعية بسام الفرن، رئيس غرفة التجارة اللبنانية في ساحل العاج جوزف خوري، ونحو 250 رجل اعمال لبناني وفرنسي ولبناني في افريقيا، وحشد من الفاعليات الاقتصادية في البلدين.
فرميس، نّوه بهذا اللقاء الناجح الذي يؤسس لمرحلة من التعاون الاقتصادي الفرنسي اللبناني في افريقيا. وتحدث عن الميزات الاقتصادية لافريقيا، مشيرا الى ان هذه القارة سجلت ثاني اكبر نمو اقتصادي في العالم في العام 2015 وبلغ 3،6 في المئة بعد دول شرق آسيا.
ولفت فيرميس الى ان غرفة باريس دخلت بقوة على خط تفعيل وجود الشركات الفرنسية في افريقيا من خلال اجتماعات عقدت في باريس بين الشركات الفرنسية ونظيرتها الافريقية، وقال ان اجتماع اليوم يندرج في هذا الاطار، خصوصا ان اللبنانيين المتواجدين في هذه القارة منذ القرن التاسع عشر، يمسكون باقتصادات عدد من الدول الافريقية، فيما لديهم تواجد كبير في معظم دول افريقيا، واعمالهم تطال معظم القطاعات.
وأكد ان العلاقات التاريخية بين فرنسا ولبنان مع وجود عامل اللغة يشكلان ركيزة اساسية لتقوية الشراكة الاقتصادية بين القطاع الخاص في البلدين.
والقى تامر كلمة قال فيها: عقد هذا المنتدى في قلب باريس وهو يشكل حدثا في حد ذاته، من خلال حجمه، ونوعية المشاركين فيه والهدف الذي يعمل على تحقيقه، وهو توسيع التعاون الفرنسي - اللبناني باتجاه افريقيا بالارتكاز الى قدرة الانتشار اللبناني في هذه المنطقة من العالم.
اضاف: "ظهرت في السابق كمشروع غير محدد المعالم او غير واضح. لكن الآن الفكرة تبلورت، وذلك بفضل مبادرة مشتركة بين غرفة باريس وبحماسة من رئيسها جان بول فيرميس، الصديق الكبير للبنان، والذي أحب أن اشكره من كل قلبي على هذا التعاطي الرائع".
وأوضح تامر ان "الهدف من هذا المنتدى هو تقديم الأفضل، من خلال الامكانات ونقاط القوة التي يتمتع بها الانتشار اللبناني في افريقيا، وتثبيت أن التعاون بين رجال الأعمال في دول الانتشار ورجال الأعمال الفرنسييين واللبنانييين ممكن، ويمكن ان يؤدي إلى أنشطة مشتركة ومنفعة متبادلة".
ورأى ان "هذا التعاون لا يمكن القيام به وتحقيق النجاح له الا على أسس موضوعية، ومن ضمن روح من الصداقة التاريخية بين لبنان وفرنسا، وكذلك وفي إطار التزامنا المشترك لتحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا".
وأعلن تامر ان "هذا الملتقى هو مجرد بداية، ومن شأنه أن يعطي بعدا جديدا للتعاون الفرنسي - اللبناني، على ان يتم متابعته من قبل، المعنيين للتفكير والعمل، لا سيما في فرنسا، لبنان، وأفريقيا؛ ولماذا لا ساحل العاج في عام 2017".
والقى شقير كلمة قال فيها: "نلتقي تحت رعاية غرفة التجارة والصناعة في باريس لتحقيق مشروع مشترك، ألا وهو توسيع العلاقات الفرنسية-اللبنانية بالاستناد الى اللبنانيين المنتشرين في جميع أنحاء العالم. هدفنا الأول هو أفريقيا، حيث للشركات الفرنسية وجود وتجربة رائدة".
أضاف: "تم إنشاء الغرفة الفرنسية-اللبنانية منذ أكثر من 20 سنة لهذا الغرض، وكان تحديا حقيقيا في ذلك الوقت، ولكن الآن أصبح واقعا حقيقيا"، معتبرا ان "نجاح مشروع تعاون الشركات اللبنانية والفرنسية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يشي بوجود مجال واسع للعمل لشركاتنا مما يتيح لها بتحسين مزاياها التنافسية وكسب أسواق جديدة على حد سواء".
ولفت شقير الى ان "العلاقات بين فرنسا ولبنان تتميز بطابع خاص، وهذا ما يفسر العلاقات التجارية الوثيقة ونمو الاستثمارات المتبادلة". وقال: "عندما اندلعت الحرب الأهلية عام 1975، وجدت معظم الشركات اللبنانية في فرنسا متنفسا دوليا، وبسبب تطوير العلاقات الدولية بقيت الشركات في غالبيتها قائمة. كما ان الغالبية العظمى من الشركات الأجنبية في لبنان هي فرنسية.اليوم نعلم تمام العلم أن قوة الإقتصاد تتأتى من مدى تعاونه على المستوى الدولي، فالاقتصاد اللبناني يحظى بمعظم مزاياه التنافسية عبر تعاونه مع فرنسا".
ورأى شقير ان "مشروع "أفريقيا" يمثل فرصة كبيرة للشركات الفرنسية واللبنانية، وهو حاليا فرصة كبيرة للشركات الأفريقية التي لم تنج من الركود العالمي". وقال "إن ترافق خبرات الشركات الفرنسية الفنية مع توافر قدرات الإغتراب اللبناني من شأنها بالتأكيد إحداث الفارق. فالقارة الأفريقية، على الرغم من مواردها الهائلة، تمر حاليا بمرحلة صعبة، ولكن الوضع لا يمكن أن يستمر على حاله، ولقد حان الوقت للعمل من أجل النهوض به بشكل جيد".
وأشار الى ان "الغرفة اللبنانية - الفرنسية تلعب دورا استراتيجيا في هذه المغامرة. وبفضل دعم غرفة باريس، نجدها في أفضل وضع لتحديد الفرص المتاحة وتوجيه الجهود وإجراء العمليات بشكل آمن. كما انه بإمكانها تعبئة شبكات المغتربين في مواقعهم كي يكونوا باستمرار على بينة من المعلومات والقيام بالإجراءات اللازمة لتعزيز العلاقات التجارية، وعلى رأسها تنظيم الوفود من كلا الطرفين، وايضا تنظيم المعارض والأسواق في المراكز الأكثر نشاطا".
وقال: "لهذا يمكن أولا توطيد وتطوير شبكة عمل فرنسا- لبنان- أفريقيا. فمن السهل دائما تطوير ما يعمل جيدا، وتأتي الخطوة التالية في استخدام ما تم التثبت منه في بعض الأسواق وتطبيقه على أسواق مماثلة. وهنا يبدو الحضور اللبناني كأحد العناصر الأساسية لتحقيق ذلك. ويأتي في الأساس تناول مجالات التكنولوجيا المتقدمة التي لم يتم التطرق اليها بعد على نطاق واسع في بعض الأسواق، وبالتالي الحصول على مكانة متميزة. يمكن للشراكة المتوقعة في تلك الأسواق الاستفادة الكاملة من تجربة الغرفة الفرنسية - اللبنانية".
وشدد على "ضرورة طرح مشروع برنامج عمل متوسط الأجل لمثل هذا التعاون، وبتحديد الإجراءات قصيرة الأمد المفيدة بشكل مفصل لإكتساب الموقع. ومن الضروري أيضا تحديد الهيكلية التي ستتولى مسؤولية التشغيل على المدى البعيد".
من جهته تحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامه عبر شريط مصور، فقال: "بداية، اريد ان اهنئ الغرفة اللبنانية - الفرنسية ورئيسها غابي تامر على هذه المبادرة التي تؤدي الى خلق تآزر وتلاحم بين ثلاثة اسواق، هي الفرنسية والافريقية واللبنانية".
أضاف "ان مصرف لبنان يهتم دائما بتعزيز القطاعات الاقتصادية في لبنان. ومن ذلك، طورنا برامج لدعم اقراض الشركات. هذه البرامج مخصصة لكل شركة عاملة في لبنان، والدعم المؤمن من خلالها ليس مرتبطا بجنسية من يدير هذه الشركة. وبالتالي، فان اي شركة، فرنسية كانت ام افريقية، تعمل في لبنان يمكنها ان تستفيد من هذا البرنامج الذي نركز فيه على دعم سعر الفائدة"، مشيرا الى ان "برامج الدعم هذه مخصصة لقطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والاسكان، وللمؤسسات الصغيرة والمتوسطة".
وأشار الى انه "لدينا برامج تساعد على انشاء شركات ما يعرف بـ start ups وتكون جزءا من اقتصاد المعرفة والمعلوماتية". وقال: "من خلال هذه البرامج، يستطيع مصرف لبنان توفير ضمانة للمصرف الذي يستثمر في هذا النوع من الشركات التي يمكن ان تكون متعددة الجنسية على ان تعمل من لبنان. اقول كل ذلك لاؤكد الدعم الذي يمنحه مصرف لبنان لهذه المباردة".
وقال: "لقد طورنا علاقات مصرفية جيدة مع فرنسا ومع كل الدول الافريقية. وهناك مصارف لبنانية تعمل في فرنسا وكذلك في افريقا، وهذا مهم في وقت تعاني التبادلات التجارية مع صعوبة القيام بعمليات تجارية عبر المصارف، وذلك بفعل العديد من التشريعات الموجودة حاليا في كل انحاء العالم".
وأكد ان "لبنان بلد منخرط في العولمة الدولية، وله قدرة على التواصل مع كل انحاء العالم، ومصارفه تتعامل مع مصارف مراسلة في كل انحاء العالم وبمختلف العملات. علما ان لبنان هو بلد التبادل الحر وليس هناك ما يمنع من التحويل الى اي عملة اجنبية وهو امر لا يحتاج الى موافقة مسبقة من مصرف لبنان"، متمنيا ان "تتطور هذه المباردة وسيكون مصرف لبنان دوما الى جانب الغرفة ورئيسها السيد تامر لكي تنجح".
وبعد حفل الافتتاح تحدث رئيس الغرفة اللبنانية في ساحل العاج جوزف خوري، فعرض أهمية الوجود اللبناني في افريقيا، مشيرا الى ان "اللبنانيين باتوا في قلب الاقتصاد الافريقي، لا سيما ان اسمهم بات مرتبطاً بمعظم القطاعات الاقتصادية، فيما تربطهم علاقات وطيدة مع قيادات هذه الدول وشعبها، اي انهم دخلوا في النسيج الاجتماعي الافريقي".
واجرى رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل مداخلة تحت عنوان "الصناعة اللبنانية: فرص ونجاحات في أفريقيا"، آملا تفعيل فرص التعاون الاقتصادي المتاحة بين البلدين، خصوصا وأنه يمكن للصناعي اللبناني ان يكون شريكا فاعلا للصناعيين الفرنسيين، استنادا الى خبرته والمزايا التي يتمتع بها، كما يمكن ان يكون جسر عبور لهم الى افريقيا".
وقال: "يسجل للصناعي اللبناني، وخصوصا المنخرط في سوق العمل في افريقيا، سرعة تأقلمه مع البلد المضيف وتكيفه وانخراطه بسهولة في مجالات العمل اينما حل، فهو يعد لاعبا اساسيا في تطوير اقتصاد البلد المضيف ونموه. على سبيل المثال يتمكن الصناعي اللبناني اليوم من 40 في المئة من اقتصاد ساحل العاج. وكما فرض نفسه اقليميا بخلقه شبكة تواصل بفضل انتشاره في قارات العالم أجمع، بحيث لم يبق بلد في العالم الا ووصل اليه، وأوصل المنتجات اللبنانية الى اسواقه. تميز وابدع في القطاعات كافة حتى بات شريكا مع المجموعات الدولية الكبرى. انطلاقا من ذلك، نحن نطمح لخلق شبكة تعاون بين الصناعيين اللبنانيين والانتشار اللبناني حول العالم والمقدر بـ12 مليون شخص لتسويق واستهلاك المنتجات اللبنانية. إذ يكفي ان يشتري كل واحد منهم منتجات لبنانية بقيمة 100 دولار حتى تزداد صادراتنا مليارا و400 مليون دولار".
وأكد ان "لدينا المقومات والطاقات والقدرات التي تجعلنا نفتخر بصناعتنا وبنجاحاتنا وبامكاناتنا اللامحدودة التي يمكنها ان تنافس في أكثر البلدان تقدما. فلبنان يصنع سيارات متخصصة لكبريات الشركات العالمية، ومحولات كهربائية تشغل "ديزني لاند"، وفضيات تباع في ارقى المتاجر في كل من الولايات المتحدة الاميركية وكندا، والصناعي اللبناني قادر على تجهيز ومكننة خطوط الانتاج لأهم الشركات العالمية الى جانب قدرته على الإبداع والتصميم والابتكار بأحدث التقنيات".
واجرى المصرفي الكساندر سالم مداخلة باسم جمعية المصارف اللبنانية عرض خلالها "قوة القطاع المصرفي اللبناني وتوسعه في الخارج والخدمات التي يوفرها للشركات اللبنانية العاملة في الخارج".
واكد "التزام القطاع المصرفي بمطلبات العمل المصرفي لا سيما القوانين والتشريعات العالمية والمعايير الدولية المطلوبة للالتزام بشفافية العمل المصرفي"، مشيرا الى ان "المشاركة في هذا الملتقى تأتي حرصا من القطاع المصرفي اللبناني على مواكبة الاعمال اللبنانية في الخارج وتوفير الخدمات المصرفية لها لا سيما في افريقيا، لكن مع التشدد بالنسبة للالتزام بالمعايير والقوانين الدولية التي ترعى عمل هذا القطاع".
وبعد الانتهاء من الجلسات عقد اجتماعات عمل بين رجال الاعمال الفرنسيين ونظرائهم اللبنانيين واللبنانيين في افريقيا، للبحث في تطوير التعاون الثالثي في الاسواق الافريقية.