الخسارة تلو الأُخرى يحققها الاقتصاد اللبناني الذي يزحف أعرج لا لإقتناص فرصة من هنا وهناك، بل لتنفّس الصعداء وتعزيز الثقة به أمام مواطنيه ومغتربيه والدول والمستثمرين الأجانب، ليثبت أنه بلد مستقر سياسياً واقتصادياً وإجتماعياً.
لم يعد الكلام يجدي نفعاً فالشمس مشرقة. ولا يمكننا القول إن لبنان عاد سويسرا الشرق، فسويسرا الغرب لم تعد هي هي بل أفضل حال.
عاد لبنان الى الوراء سنوات وسنوات، فلم نعد نشهد مشاريع لتحسين البنى التحتية، لا جسور لا أنفاق، ولا زلنا نحلم بالكهرباء والمياه الصالحة والهواء النظيف، نحلم بالطرقات وخطط السير والشفافية والادارة الجيدة والسياسات الاقتصادية المنقذة لا المؤقتة كما الحالية.
قرار لبنان السياسي والاقتصادي ليس بيد سياسييه فهم ليسوا صنّاع القرار فيه، بل يتراشقون الاتهامات ويستمرون بالتجاذبات والخلافات على أدقّ التفاصيل، ليس بهدف التطوير والنهوض بالبلاد، بل للحصول على حصص في كعكة الصفقات إن وُجِدَت، ولسبب واحد أن الولاء للوطن ليس من صفاتهم.
بالأمس سارع المغتربون والسياح لتغيير مواعيد رحلاتهم والإسراع بالسفر والعودة الى بلاد الاغتراب الآمنة، بعد أن سمعوا الأخبار التي تشير الى إقتراب حرب لا صحة لبدئها ولا لقربها، إلا أن الأخبار عما حصل بالأمس أخاف الناس وزرع الرعب في نفوسهم.
بالأمس أيضاً وصلت إحدى الطائرات وفيها مغتربون مشتاقون للبنان إلا أنهم وصلوا وتفاجؤوا بالأخبار متسائلين لماذا أتينا الى لبنان؟
فبات المطار الهدف الوحيد لجميع اللبنانيين اليائسين من الوضع الحالي، حتى لمن وصل ولا يزال في الطائرة فهو يرغب بالعودة بعد ان يسمع خبراً عن حادثة أمنية في لبنان.
رغم السياسات المالية وهي مؤقتة كجرعة دواء وليست علاجاً، يتذبذب سعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي خصوصاً لدى بعض الصيارفة الجشعين حيث السلطات غير قادرة على ردعهم، فيما المصارف تضغط على المواطنين.
خطط اقتصادية كلّفت لبنان غالياً ولم يتم تنفيذها، فيما الشركات تطرد موظفيها أو تجمّد رواتبهم وتبقيهم يعملون مجاناً، وشركات أخرى تسعى لتتجنب الإقفال، في حين أن الدين العام يزداد وديون الأسر تتكاثر والشيكات المرتجعة الى ازدياد.
بلاد الأرز تبكي.. ومرقد عنزة في جبل لبنان... إختفى، والبحر القريب من الجبل والمقاهي التي خفّ عدد زوارها بسبب الأحداث الطارئة، أما الإستثمارات الأجنبية في البلاد فهي ليست هنا.
المحاصصة والفساد والرشوة والصفقات وغياب حقوق المواطن.
وعود بمشاريع ستدرّ أموالاً ووظائف من خلال بنود مؤتمر سيدر لتطوير البنى التحتية في لبنان، ووعود أخرى بتحوّل لبنان الى بلد نفطي خلال سنوات.
بالأمس ولأول مرة تشهد سفارة كندا في لبنان تظاهرة من قبل لبنانيين للمطالبة بفتح باب الهجرة، كي يتهافت الشباب الجاهز للعمل الى التخلّي عن لبنان وإفادة بلد آخر من أجل أن ينعم بعيشة كريمة في بلاد تؤمن لشعبها وسكانها الحقوق الحقوق المتوجبة للعيش بسلام وكرامة، فيما الأخطر من ذلك هو عودة عدد قليل من المغتربين الذين رجعوا للعمل في لبنان، الى التفكير من جديد بالهجرة.
يريدون الهرب من لبنان الذي يتطلّب فيه تشكيل حكومة أشهراً وربما أكثر من سنة، فيما تعيين مدير في الدولة أو موظف في الإدارات العامة يأخذ سنوات.
فوائض بالوظائف في إدارات ونقص في إدارات أخرى، بينما ينخر الفساد بهذه الأمور، ويموت المرضى على أبواب المستشفيات، بسبب غياب السياسات الصحية والاستشفائية.
سياسات إسكانية إنتهت، وكل سلطة تقول إنها ليست مسؤولة عنها، ويتبادل صناع القرار الاتهامات، في حين ان من يرغب بتأسيس عائلة وشراء منزل بات مضطراً الى الانتظار أو الى استئجار شقة ببدل شهري كان عليه ان يخصّصه لقسط شهري ليتملّك شقة، ورزح القطاع العقاري تحت جمود ولا بيع لآلاف الشقق المعروضة.
لم يعد الكلام يجدِ نفعاً فالهجرة باتت حلماً لدى جميع الشباب وخريجي الجامعات وموظفي القطاع الخاص ايضاً، فهم غير راضين عن وضعهم الحالي.
أما الخطير في الأمر فهي الأزمة الإجتماعية التي نتجت عن غياب السياسات الانقاذية للبلاد، وفشل بعضها، وها نحن من جديد نتّجه الى طاولة حوار اقتصادية علّها تُحدِث فرقاً عن الطاولات السابقة.
الأمر الوحيد المطلوب في ظل غياب الإصلاح، فهو أمران هما الحكمة والولاء للوطن.
بقلم باسل الخطيب
[email protected]
نذكركم انه بات بإمكانكم متابعة صفحة موقع Business Echoes على إنستغرام من خلال الضغط هنا والتي سيكون محتواها مختلفاً عن المحتوى الذي ننشره على صفحة فايسبوك.