وأخيراً سيصبح لبنان بلداً نفطياً منتجاً للنفط والغاز . انها سنوات قد تقارب السبع او ما يزيد عنها قليلاً، ليبدأ انتاج النفط وبيعه، بعد ان تتشبّع الاسواق اللبنانية منه، ما ستتم ترجمته أولاً بخفض فاتورة الكهرباء والحدّ من استخدام المولّدات، التي تنهش جيوب اللبنانيين والمقيمين ايضاً، اضافة الى خفض أكلاف الانتاج في المصانع والمؤسسات اللبنانية، ما سيساعدها على المنافسة والربحية وايجاد اسواق خارجية جديدة، يمكن لها ان تبيع منتجاتها باسعار تنافسية.
انه الذهب الاسود وقد بدأ لبنان رسمياً برحلة البحث عنه في التاسع والعشرين من كانون الثاني اركان السلطة اللبنانية احتفلوا لمناسبة التوقيع رسمياً على اتفاقيتي النفط والغاز في اول رقعتين معروفتين بالبلوك 4 و9، الحفل جرى بحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في بافيون -سي سايد - وسط بيروت.
الرئيس عون وصف الخطوة بأن الحلم تحقق وذلك بفضل اللبنانيين مشيرا الى المرحلة المقبلة هي تجارية،
ويشكِّل النظام المالي المعتمد، نظاماً متقدماً ديناميكياً ترتفع فيه حصة الدولة مع ارتفاع الاسعار وزيادة الانتاج وانخفاض التكاليف، بينما يعطي استقرار للشركات واستثمارها، لتتمكن من استراد كلفة الاستثمار بوقت مقبول، وهذه الاستراتيجية حسب رئيس هيئة ادارة قطاع البترول، اوصلت لبنان لجذب شركات، تتمتع بالمعايير التقنية والمالية، لتعمل بالمياه العميقة ومن ثم يبدأ لبنان قريبا جدا مرحلة الاستكشاف، والتي يليها التقييم حيث يمكن حفر عدة آبار وثم التطوير.
وقد وقّع لبنان في 29 كانون الثاني 2018، اتفاقيتين مع الشركات الثلاث توتال الفرنسية واتيني الايطالية ونوفاتيك الروسية، لينتقل من مرحلة التحضيرات الى المرحلة العملانية، وبات لدى الشركات الوقت لتقديم خطط العمل، وخطط الاستكشاف، لتبدأ بالتحضير لعملية الحفر التي ستجري في العام 2019.
وحسبما أبلغني رئيس هيئة ادارة قطاع البترول في لبنان وليد نصر خلال حديثي معه على هامش الاحتفال، فإن توقيع عقود النفط والغاز للاستكشاف يشكِّل خطوة كبيرة جداً، مشيرا الى اان الخطوة التالية ستتمثّل بعملية الاستكشاف الحقيقية، فالشركات بدأت بتحضير برامج الاستكشساف لمرحلة الاستكشاف الأولى، وهي 3 سنوات وستقدِّم خطتها خلال شهرين لهيئة ادارة قطاع البترول في لبنان، التي بدورها تنظر بها وفي حال الموافقة تبدأ عملية الاستكشاف في البحر اللبناني، وبالتالي ستكون سنة 2018 مرحلة التحضير للاستكشاف والخدمات اللوجستية، لكل ما يلزم قبل البدء بالحفر حيث يبدأ حفر الآبار في العام 2019 في الرقعتين المعروفتين بالبلوك 4 والبلوك 9.
أما عضو هيئة ادارة قطاع البترول وسام الذهبي فصرّح لي خلال الحفل ايضاً انه دون مبالغة، فاليوم هو عرس وطني لأنه يتوِّج مسيرة تزيد عن 13 سنة، مشيرا الى انه على الرغم من انه تم تعيين هيئة ادارة قطاع البترول منذ 5 سنوات، لكن العمل بدأ منذ ما قبل العام 2000. وهو يذكِّر انه تم توقيع العقود مع الشركات في 29 كانون الثاني 2018، وتم الانتقال من مرحلة التحضيرات الى المرحلة العملانية والتشغيل، فأمام الشركات اليوم مهلة لتتقدّم بخطط العمل وخطط الاستكشاف، وتبدأ بالتحضير لعملية الحفر وخلال هذه السنة سيتم تحضير دفاتر الشروط، ليبدأ الحفر في العام 2019 وسيسير بالتوازي بين البلوكين 4 و 9، فلبنان بإنتظار اكتشاف تجاري ليتم تطويره وليدخل نادي الدول المنتجة للنفط والغاز.
اللبنانيون لن يلاحظوا شيئاً سيتغير على الشاطىء لأن الانشطة البترولية ستكون محدودة خلال فترة الاستكشاف، فستكون هناك حفارات تعمل بالبلوك 4 والبلوك 9 وهناك بعض الخدمات اللوجستية يوافق عليها مجلس الوزراء ووزير الطاقة والمياه، وستكون الحركة محدودة لكن خلال الحفر ومن ثم عند حصول اكتشاف تجاري، سيشهد اللبنانيون حركة نشطة وكبيرة جدا للانشطة البترولية، من حيث حفر الابار وتأمين الفيول والهندسة وبناء البنى التحتية، وبناء معامل غاز لمعالجة الغاز الطبيعي، وقد تكون هناك في العام 2018 مسوحات اضافية وتحضير للحفر، وإعداد دفاتر الشروط وخطط البيئة والصحة والسلامة، وكل التراخيص المطلوبة فهناك كم هائل من التراخيص، ستطلبها الشركات بالتنسيق مع هيئة ادارة قطاع البترول والامن العام والجمارك ووزارتي الصحة والبيئة وستحدّث الهيئة بياناتها وهي التي اطلقت التقييم البيئي الاستراتيجي لكل بئر استكشافي. وفي المرحلة الأولى سيتم حفر بئر واحدة في كل من البلوكين 4 و 9 ومن ثم قد يتم حفر بئر احتياطية وعلى ضوء ذلك من الممكن ان يتم حفر آبار أخرى. فهناك مرحلة الاستكشاف ثم التقييم حيث يمكن حفر عدة آبار ثم التطوير، كما من الممكن ان يتم حفر آبار أخرى خلال مرحلة الانتاج.
اما النائب جوزف معلوف الذي إقترح قانون تعزيز الشفافية في قطاع البترول في حديثه اليّ، فإعتبر ان الاحتفال بالتوقيع الذي تم في 29 كانون الثاني هو بحد ذاته حدث تاريخي، حيث ان هذه الثروة واعدة للبنانيين آملاً ان تكون إدارتها مثالية وهذا القطاع من اكثر القطاعات في لبنان التي تم العمل عليها من خلال قوانين ومراسيم سليمة بالاضافة الى عدة تدابير حول موضوع الشفافية ان كان لناحية التدابير الموجودة في بعض المراسيم والمطلوبة بالعقود بالاضافة الى اقتراح لتعزيز الشفافية بهذا القطاع تقدّم به النائب معلوف وافقت عليه لجنة الاشغال، وسيحال قريباً الى الهيئة العامة كما هناك المبادرة العالمية للشفافية بالصناعات الاستخراجية، وأمل معلوف ان يعمل الجميع يداً واحدة ليس فقط بحماسة للقطاع بل ان يعملوا في سبيل ان يكون القطاع النفطي قطاعاً مثالياً، يمثِّل حسن الادارة وحسن الحوكمة للاجيال القادمة وان يستفيد منه لبنان استفادة كبيرة.
باسل الخطيب
[email protected]