شهدت الاسواق التجارية اللبنانية حركة مقبولة خلال الشهر الأخير من العام 2017، بدعمٍ من المستهلكين والمتسوّقين للأعياد ، وبفضل الحركة التي أحدثها بعض المغتربين الذين أتوا لتمضية عيدي الميلاد ورأس السنة مع ذويهم في لبنان، الا انها تبقى دون التوقعات الأكثر تفاؤلاً.
ومن الواضح ان الوافدين الى لبنان خلال موسم الأعياد هم من اللبنانيين العاملين في الخارج، خصوصا في دول الخليج ومن ثم في الدول الأوروبية وغيرها، يليهم بعض الوافدين من الجنسيات العربية والاوروبية. لكن مجموع عدد الذين يزورون لبنان يبقى دون المستوى الذي يجب ان يُسجّل للعودة الى الأرقام الجيدة، التي تم تسجيلها في العام 2010 قبل أن يبدأ التراجع في العام 2011.
فقد بدأ تراجع عدد الوافدين الى لبنان منذ العام 2011 بفعل التجاذبات السياسية الداخلية وغياب الامن والاستقرار السياسي، ومخاوف من تأثيرات الحرب في سوريا وبعض الأمور الاقليمية.
وقد ألقى تريّث الرئيس الحريري بإستقالته منذ حوالي الشهر، بتأثيراته الايجابية التي انعكست ايجاباً وإرتياحاً في الاسواق اللبنانية التجارية، حيث يسهم الوافدون بتحريك العجلة الاقتصادية إن في الفنادق والمطاعم أو في قطاع تأجير السيارات، وحركة النقل وقطاع المبيع بالمفرق عموماً، في حين ان الوافدين من المغتربين اللبنانيين يحرِّكون الاسواق أكثر من السياح العرب والاجانب في هذه الفترة.
وهنا نشير الى ان بعض المغتربين اللبنانيين يشترون الهدايا للأهل والاصحاب من البلد الذي يقيمون فيه لأسباب منها معرفتهم الكاملة بالمحلات التي يتعاملون معها او لأن وصول رحلاتهم الى لبنان يكون قبيل عيد الميلاد بساعات أو لأنهم يكونوا قد إشتروا هداياهم في خلال حسومات قد حصلت حيث يقيمون، أو لأن بعض المؤسسات التجارية في لبنان وخصوصا ذات العلامات التجارية المعروفة والمتميزة تنتهز المواسم لرفع اسعارها غير مكترثة للوضع الاقتصادي العام ومعدل الدخل الفردي لأكثرية اللبنانيين، ويبقى الجزء الاكبر ممن يشترون هداياهم من المحلات اللبنانية هم ممن يقيم في لبنان، مع الاشارة الى ان جزءاً من موظفي القطاع العام لم يتقاضَ رواتبه وفقاً للزيادة التي تم إقرارها مؤخراً في مجلس النواب.
الأهم من ذلك ان موسم الاعياد قد ساهم بقوة بتغيير وجهة الاسواق حيث نمت الحركة التجارية بشكل ملحوظ بعد ان كانت الاسواق شهدت جموداً مع بدء موسم المدارس وإتجاه الناس على شراء المونة ولوازم التدفئة.
ومما لا شك فيه ان حكومة الرئيس الحريري أنجزت الكثير من الامور العالقة في خلال العام 2017، وعلى كافة الصعد إن على صعيد اقرار الموازنة أو منح أول رخصتين بتروليتين للبدء بإستكشاف النفط أو التعيينات أو إقرار سلسلة الرتب والرواتب إضافة الى امور مهمة أخرى.
وفيما يتعلق بالسياحة في لبنان فهناك الكثير من الخطوات المهمة التي تقوم بها وزارة السياحة ووكلاء السياحة والسفر وكافة العاملين في قطاع الفنادق والشركات السياحية، وبكل تأكيد فإن هذه الخطوات تؤدي الى دعم السياحة شرط تأمين الاستقرار الامني والسياسي.
وحسبما يتوقع وزير السياحة اللبناني أواديس كيدانيان، قد يستقبل لبنان بنهاية العام 2017 ما يصل الى مليون و 900 ألف سائح، مع الدخول في مرحلة استقرار سياسي وامني، معتبراً ان لبنان اليوم أكثر أمنا من أي عاصمة أجنبية، في حين ان هناك رؤية واعدة وجيدة للسياحة في العام 2018، كما يشير الى ان هناك اتصالات ولقاءات تجري لإنعاش السياحة الدينية والطبية في لبنان في خلال العام 2018.
العديد من اللبنانيين العاملين في الخارج أتوا لتمضية عيدي الميلاد ورأس السنة في لبنان مع الأهل والاصحاب، لكن يبقى جزء من اللبنانيين المقيمين، حجزوا رحلات لهم لتمضية العطلة في الخارج فمنهم من إختار تركيا وفرنسا واسبانيا ومنهم من إختار دبي ومصر وقبرص واليونان. ولا شك ان الاغلبية العظمى تمضي ليلتْي الميلاد ورأس السنة في المنازل مع الاهل والاصحاب، حيث تبقى سهرة المنزل من افضل السهرات خصوصا لمن يرغب بالسهر بعيداً عن الضوضاء، وزحمة وحوادث السير، او لكي لا يقع ضحية شخص مزعج او سكران يتفاجأ به، يجلس قربه في سهرة إختارها في مطعم او فندق معيّن، اضافة الى ان سهرة المنزل أكثر راحة وسعادة ونظافة لجهة الطعام ذات التحضير المنزلي، فضلا عن ان الناس الذين يزورون المطاعم بكثرة على مدار السنة، يفضِّلون السهر مع الأهل والاصحاب في منزل احدهم.
يبقى المرتجى أن يعم الامن والاستقرار الدائمان في لبنان وخصوصا الأمن الاقتصادي والاجتماعي، وأتوجه الى اللبنانيين بأحر الأماني بحلول عيدي الميلاد ورأس السنة.
بقلم باسل الخطيب - رئيس تحرير موقع بزنس إيكوز
[email protected]