مافيات بالجملة تصبُّ غضبها وشرّها على المواطن اللبناني تملأ الساحات والشوارع . فمن مافيا المولدات مرورا بمافيا السمسرات ومعقّبي المعاملات ومافيا الموظفين الفاسدين وصولاً الى مافيا تجار الغش والميكانيك.
ولا شك ان مافيا المولّدات لا تَسلمُ من نصبها اي عائلة من اللبنانيين بينما مافيا المعاينة الميكانيكية فهي تنتظر وتترقّب كل من يملك سيارة ويأتي ليمارس دوره كمواطن يحترم القوانين.
كنت كل عام وعندما يحين موعد المعاينة الميكانيكية اطلب من شخص معيّن ومقابل خمسين الف ليرة لبنانية، ان ينوب عني بالحضور لدى دائرة المعاينة الميكانيكية في الحدث ويقوم بإجراء المعاينة لسيارتي ودفع الرسم المتوجب واعادة احضارها.
هذا العام كنت متواجداً يوم السبت في الحدث قرب مركز المعاينة الميكانيكية ، وكان لديّ متسّع من الوقت ، فقررت الدخول الى المركز واجراء المعاينة الميكانيكية لسيارتي والتي لا تزال بحالة ممتازة، ولم يكن هناك اي زحمة ودخلت السيارة الى المعاينة فوراً لكنها رسبت في الامتحان لأن انوار احد الفرامل لم تعمل، ما معناه ان هناك عطلاً في لمبة الفرام او انها قد تعطّلت فجأة لأنها كانت قبل دقيقة تعمل بشكل طبيعي.
فأبلغني الموظف ان اصلحها في الخارج حيث هناك عند مدخل مركز المعاينة الميكانيكية عدة محلات مخصّصة لتصليح السيارات.
وبالتالي ما ان خرجت من مركز المعاينة الميكانيكية حتى انقضّ عليي عدد من هؤلاء الأوادم وعرضوا عليي خدماتهم لتصليح عطل السيارة، فأدخلت سيارتي الى كاراج احدهم وبدأ بإصلاح ضوء الفرامل المعطّل .
عشرة دقائق وقال بأمرك يا استاذ 60 الف ليرة لبنانية.
فأجبته ان ضوء الفرامل ثمنه 5 دولارات واجرة يده عشرة دولارات فلم يرضى الا بـ 40 دولاراً، وهكذا كان فقد اعطيته ما طلب وودّعني وقال لي "مع السلامة يا همشريتي" ، لعلّه كان صديقاً لي منذ زمن ولم اعلم.
المضحك ان الموظف الذي يعمل في المعاينة وبعد ان اعاد معاينة سيارتي للمرة الثانية قال لي انه كان يجب ان أذهب خارج هذا الشارع لإصلاح سيارتك فهنا كلهم نصابين، فأجبته ولماذا لم تقولوا لي فأجابني عليك ان تعلم.
المضحك ايضاً انهم جميعاً يعلمون ويرسلون لهم الزبائن.
طيلة حياتي عندما اتعرّض للنصب او الغش او خسارة في المال لا اغضب، لأني اعلم ان المال يذهب ويأتي لكن الغضب يهري الأبدان ولن يعود بالمال، لذلك دفعت المبلغ وذهبت، وبدأت احتسب ما يسرقه هذا المواطن وجيرانه زملاؤه كل يوم من المواطنين ومن كل من ترسب سيارته لأسباب سخيفة.
لم تقع عليي المسؤولية عندما قررت اصلاح الضوء قرب المركز لأن الذهاب الى شخص اتعامل معه في بيروت يتطلّب مني خسارة يوم آخر، لكن المسؤولية مجتمعة على الشعب الغشّاش.
قد يقع ضحية هؤلاء الأوادم 3 اشخاص كل يوم وقد يتعرضون للنصب وقد لا يشتكي احد منهم، لكن تقع المسؤولية عليهم، بالمساح للفساد بالاستمرار لذلك سأوجِّه على الكتاب للجهات المختصة.
سأوجّه هذا الكتاب الى وزراء مكافحة الفساد والداخلية والاقتصاد ومديري عام الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك لعلهم يخطون خطوة الى الامام في مسيرتهم الاصلاحية.
وقد يقول لي البعض ان احداً لم يجبرك على دفع هذا المبلغ وانه يمكنني الذهاب الى مكان آخر لتغيير ضوء الفرامل، وهذا أمر صحيح ولكن الصحيح أيضاً ان الفساد في كل قطاع في لبنان سيزداد اذا سكتنا وسكتنا ودون ان يقوم كل شخص بإبلاغ السلطات عما يجري.
ولهذا ادعو كل من يريد ان يجري معاينة ميكانيكية لسيارته وفي حال رسبت في الامتحان ان لا يصلحها في كاراجات التصليح الواقعة مقابل مخرج ومدخل مركز المعاينة لأنه سيتعرّض للنصب والسرقة، بل عليه ان يذهب الى منطقة اخرى او عامل ميكانيك او كهرباء سيارات يعرفه، وذلك لحين معرفة رأي الجهات المختصة وتعليقها على هذا الكتاب.
بقلم باسل الخطيب رئيس تحرير موقع
BusinessEchoes.com
[email protected]