أصدرت وكالة التصنيف الدوليّة موديز بتاريخ 25 كانون الثاني 2022 تحليلاً إئتمانيّاً للتصنيف السيادي للحكومة اللبنانيّة حافظت فيه على تصنيف لبنان السيادي عند "C"، علماً بأنّ هذا التصنيف يعكس إحتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي السندات نسبة الـ 65%، عارضةً أبرز نقاط القوّة وأهمّ التحدّيات التي تراها ذات صِلَة لتحديد وتعليل هذا التصنيف السيادي.
وتجلّت نقطة القوَّة الوحيدة في إلتزام الدول المانحة بدعم لبنان شريطة تطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي.
في المقابل، إختصرت وكالة موديز التحدّيات القائمة كالتالي: التعرّض الآخذ بالإرتفاع لأزمة إقتصاديّة وماليّة وإجتماعيّة حادّة كما وضعف المؤسّسات ونظام الحوكمة (وهو ما يوخّر الدعم الخارجي) وإندثار القوّة الشرائيّة جرّاء التراجع الكبير في سعر الصرف والإرتفاع الملحوظ في مستويات التضخّم.
ورأت موديز أنّ قرار مصرف لبنان الأخير ببيع الدولار الفريش على سعر صيرفة لن يحقّق إستقرار طويل الأمد في سعر الصرف ومستويات التضخّم وذلك في ظلّ غياب إتفّاق تمويل مع صندوق النقد الدولي مشروط بإعادة هيكلة شاملة للدين.
وقد ذكرت وكالة موديز أنّ أيّ تحسين في تصنيف لبنان يعتمد على تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهّة كما وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين (كالنموّ الإقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولّية كبيرة) من جهّة أخرى وذلك لضمان إستدامة الدين في المستقبل.
من منظارٍ آخر، يجدر التوضيح أنّ التصنيف الذي تمنحه وكالة موديز يأتي بناءً على نتائج مسجَّلة على أربع مستويات، ألا وهي: القوّة الإقتصاديّة، القوّة المؤسّساتيّة، القوّة الماليّة، والتعرّض لمخاطر الأحداث.
وقد سجّل لبنان نتيجة "b3" في معيار القوّة الإقتصاديّة نظراً لصغر حجمه، وآفاقه الإقتصاديّة الضعيفة، ومحدوديّة قدرته التنافسيّة، كما والكلف الكبيرة للتعديل الإقتصادي نحو نموذج نمو جديد وأكثر إستدامة.
وقد ذكر التقرير أنّ القدرة التنافسیّة وقدرة النموّ الإقتصادي في لبنان قد تراجعتا منذ إندلاع ثورات الربيع العربي في العام 2011، والتي نتج عنها تباطؤ شديد في الحركة السياحيّة، وتقلُّص جذري في الحركة التجاريّة، وزيادة الأعباء على البلاد مع تدفُّق النازحين السوريين إليها.
بالنسبة للقوّة المؤسّساتيّة، سجّل لبنان نتيجة "caa3"، ما يعكس الضعف في بيئة الحوكمة وذلك في ظلّ ضعف فعاليّة السياسة الماليّة للدولة تماشياً مع محدوديّة فعاليّة السياسات النقديّة والماليّة وذاك عند أخذ الضغوط الإقتصاديّة والخارجية بعين الإعتبار.
أمّا على صعيد القوّة الماليّة، فقد نال لبنان نتيجة "ca"، وهي نتيجة تعكس دين الدولة الكبير الذي قد يتسبّب بخسائر كبيرة للدائنين في حال تعثّرت الدولة عن الدفع.
وبحسب وكالة موديز فإنّ مسار الدين يبقى عرضة بشكل كبير لديناميّات نموّ وتضخّم وإحتياطات عملة أجنبيّة معاكسة وهو ما يشير إلى إمكانيّة تسجيل خسائر إضافيّة في ظلّ غياب خطّة إعادة هيكلة تزامناً مع دعم صندوق النقد الدولي والإنتقال إلى نظام نموّ مستدام. أخيراً، حصل لبنان على نتيجة "ca" في معيار التعرُّض لمخاطر الأحداث، نظراً لمخاطر السيولة والتعرّض الخارجي الكبير كما والتعرّض الكبير للقطاع المصرفي للدين السيادي.
وبحسب وحدة الأبحاث الإقتصادية في بنك الإعتماد اللبناني، فقد ذكرت الوكالة بأنّ الرقم المحدّث من قبل الحكومة الحاليّة للخسائر الإجماليّة والبالغ 69 مليار دولار أميركي يتماشى مع الرقم الذي قدّمته حكومة الرئيس دياب في نيسان 2020 إلاّ أنّ حجم خسائر القطاع المالي يبقى رهن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي (والتي تمّ إستئنافها في 24 كانون الثاني) والموازنة المقترحة ونظام سعر الصرف الذي سيتم إعتماده.
كما وأضافت الوكالة بأنّه في حين قدّرت الخطّة القديمة إحتياجات لبنان التمويليّة الخارجيّة بقيمة 10 مليار دولار أميركي لتحريك إقتصاده، فإنّ حاكم مصرف لبنان قد قدّرهذا الرقم مؤخّراً بحوالي 12 إلى 15 مليار دولار أميركي وهو ما يحاكي أكثر تقديراتها.
على صعيد قطاع الطاقة، كشفت الوكالة بأنّ البنك الدولي سيمنح لبنان قرض بقيمة 600 مليون دولار أميركي لنقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا ومع موافقة الولايات المتحدة الأميركيّة، علماً بأن هذا الإتفاق لم ينجز بشكل كامل بعد.
نذكركم انه بات بإمكانكم متابعة صفحة موقع Business Echoes على إنستغرام من خلال الضغط هنا والتي سيكون محتواها مختلفاً عن المحتوى الذي ننشره على صفحة فايسبوك.