وأظهر تقرير صادر عن وزارة الزراعة الأميركية، ارتفاع الأسعار العالمية لزيت الزيتون إلى 8900 دولار للطن في سبتمبر/أيلول، وأضاف أن متوسط السعر في أغسطس/آب كان أعلى بحوالي 130% عن نفس الفترة من العام السابق.
ومنذ آلاف السنين يعتبر زيت الزيتون الذي يسمى بـ "الذهب السائل" جزءاً أساسياً من النظام الغذائي لسكان دول البحر المتوسط، وتزايد الإقبال عليه بعد ذلك عندما أدرك العالم فوائده الصحية، ولكن ارتفاع الطلب مؤخرًا تزامن مع نقص المعروض.
ويعتبر الصيف والشتاء المعتدل في جنوب أوروبا مناخاً مثالياً لأشجار الزيتون، بينما تؤدي موجات الحر الطويلة والجفاف وسوء الأحوال الجوية إلى إعاقة الإنتاج.
نقص المعروض
تعد إسبانيا أكبر الدول إنتاجاً لزيت الزيتون حول العالم لأنها تشكل حوالي نصف الإجمالي السنوي، تليها بعد ذلك في الترتيب اليونان وإيطاليا.
ولكن كان الموسم الماضي سيئاً بالنسبة للإنتاج، إذ شهدت إسبانيا ربيعاً حاراً، حيث كانت بعض المناطق في أبريل/نيسان أكثر دفئاً بحوالي 5 درجات عن المتوسط المعتاد لذلك الشهر، وهو ما يعني عدم ازدهار بساتين الزيتون.
كما عانى ثلثا البلاد جفافا طويل الأمد خلال يونيو/حزيران، ما تسبب في إتلاف أشجار الزيتون القليلة التي كانت مزدهرة.
وحسب بيانات من شركة استخبارات سوق السلع الأساسية "مينتك"، تراجع إنتاج زيت الزيتون في إسبانيا في الموسم الأخير إلى حوالي 610 آلاف طن، أي منخفضاً بأكثر من 50% مقارنة بالمعدل المعتاد الذي يتراوح بين 1.3 إلى 1.5 مليون طن.
وربما يكون حصاد العام المقبل غير مبشرًا أيضًا، لأن هناك جفافاً آخر يلوح في الأفق في إسبانيا، وذكرت وزارة الزراعة في البلاد أن إنتاج 2024 سيكون أقل بمقدار الثلث عن متوسط الأربع سنوات السابقة.
ليس ذلك فحسب
أما عن إيطاليا، فشهدت أيضاً درجات حرارة شديدة، ودمرت بكتريا تعرف باسم "كسيليلا فاستيديوزا" "Xyella Fastidiosa" نشرتها حشرات طائرة الأشجار.
وبالتالي تراجع الإنتاج في الاتحاد الأوروبي بحوالي 40% في العام الماضي، ما دفع الأسعار للارتفاع، وفي الوقت نفسه، أدى صعود أسعار الفائدة وتكلفة الأسمدة إلى تقليص هوامش ربح المزارعين.
وحظرت تركيا التي تعد إحدى الدول القليلة التي تمتعت بمحصول جيد للزيتون تصدير زيت الزيتون بكميات كبيرة سعياً لخفض سعره المحلي، وأسفر ذلك عن إبقاء سعره مستقراً في تركيا، لكن ارتفع في أماكن أخرى.
تداعيات قفزة الأسعار
ومع الصعود الحاد للسعر، شهدت إسبانيا موجة من عمليات سرقة زيت الزيتون، إذ سرق اللصوص في أغسطس/آب ما قيمته 500 ألف دولار من أحد المستودعات.
وأزالت السلطات في إسبانيا إحدى عشرة علامة تجارية منتجة لزيت الزيتون من أرفف المتاجر الكبرى، بسبب انخفاض جودتها، وبعدما ثبت أنها غير صالحة للاستهلاك البشري.
وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، ذكرت السلطات في إسبانيا وإيطاليا التي تعمل مع وكالة إنفاذ القانون التابعة للاتحاد الأوروبي "يوروبول" أنها صادرت 12 برميلاً تحتوي على حوالي 260 ألف لتر من زيت الزيتون المغشوش أو غير البكر أو غير البكر الممتاز.
وذكرت منظمة "كولديريتي" وهي الجهة الزراعية الرئيسية في إيطاليا أن مزج زيت الزيتون عالي الجودة مع منتجات أقل جودة أصبح ممارسة شائعة لأن الطلب المتزايد على صادرات الزيت من دول البحر الأبيض المتوسط يقابله تراجع معدلات الإنتاج بسبب الظروف المناخية القاسية المتزايدة.