فهو الوزير الذي أتى في أواخر موجة وباء كوفيد 19 التي عطلت التعليم في لبنان، وكان الأونلاين سيد الموقف في التعليم، فعمل على إعادة النهوض بالقطاع من حيث عودة المدارس ومواجهة الأزمة المالية والمصرفية وغلاء أسعار السلع والتعليم وإيجاد سبل التمويل لدعم الأساتذة والمعلمين والموظفين وتخفيف العبء عن الطلاب والمدارس، وسط عدم تجاوب الهيئات الدولية مع لبنان إضافة الى معضلة التوفيق بين دعم الطلاب اللبنانيين والنازحين السوريين.
وعمل الحلبي بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء ومؤسسات التعليم الرسمي والخاص والجامعات وكليات التربية، على إطلاق الإطار الوطني لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي، الذي يشكل دستور المناهج.
وفي وقت تحملت فيه الجهات المانحة المسؤولية بدعم التربية للنازحين فقط، عمل وزير التربية عباس الحلبي بإصرار على إقناع الحكومة، إصدار مرسوم لتأمين بدل إنتاجية للمعلمين من الخزينة، ما ساهم بتحسين الإنتاجية للأساتذة في التعليم العام، والتعليم المهني والتقني والجامعة اللبنانية، خصوصا أن القيمة الفعلية للدولار هبطت محلياً وعالمياً، وشهد لبنان ارتفاعا في الأسعار على كل المستويات حتى للسلع المسعرة بالدولار.
ومما لا شك فيه أن الوزير الحلبي لا يملك طموحات خاصة، ولا يهدف الى النيابة، وهو المثقف والمنفتح ويده ممدودة للجميع. إلا أن كل التحديات الآنفة الذكر كانت تواجهه، خصوصاً تدخل السياسة والمصالح بالتربية، فهو الذي أصر على مكافحة الفساد، ما أزعج المستفيدين ودفعهم الى محاربته في شتى الطرق، لكنه كان عنيداً، في المثابرة والإصرار لجعل قطاع التربية والتعليم نظيفاً وشفافاً، وتمكن من دعم الطلاب والأساتذة في آن واحد.
وها هو لم يألُ جهداً في سبيل الحفاظ وترميم وإعادة النهوض بالمدارس والعلم والتعليم، في ظل مواجهته لمعارك قاسية في وضع استثنائي، ووسط غياب الإمكانيات، واضعاً أمامه أولويات التربية والتعليم، موجهاً الأسرة التربوية للعمل والإنجاز في أصعب الظروف.
وقام مؤخراً بجولات مع ممثلي المنظمات الدولية والجهات المانحة في الجنوب، مطلقاً مدارس الاستجابة للطوارىء، بهدف تأمين تعليم التلامذة، المنتقلين قسرا من قراهم إلى أماكن أخرى بسبب الإعتداءات الصهيونية.
وانتقل في أيام أخرى الى محافظة بعلبك والهرمل ليرعى إطلاق مشروع "دعم وتقديم مساعدات عينية لـ 98 مدرسة رسمية، وهو ما أشاد به نواب وشخصيات من المنطقة، واختتمت الجولة بدعم قوي لعدد من المدارس الرسمية في الهرمل المبنية بتمويل من القرض الدولي المخصص للتربية 2r2s، حيث بات بإمكان هذه المدارس أن تلبي متطلبات المناهج الجديدة المطورة، وهي صديقة للبيئة ودامجة تستقبل التلامذة ذوي الصعوبات التعلمية والحاجات الخاصة، ومجهزة بالطاقة الشمسية وبإمكانات كبيرة لتخزين المياه، وهي مجهزة بمختلف التكنولوجيا الحديثة والملاعب الرياضية والتربية الفنية.
كل هذه الأزمات والصعوبات التي عايشها الحلبي طيلة عامين حتى اليوم، لم تمنعه من الاستمرار بالعمل على إنقاذ قطاع التربية والتعليم في لبنان، وهو حالياً وبعد أن نجح بتنفيذ المرحلة الأولى من القرار الذي تم اتخاذه في مجلس الوزراء، بخصوص اعطاء بدل انتاجية للمعلمين، تمكّن من تأمين التمويل اللازم لخطة تعويض الفاقد التعلمي عن السنوات الأربع الماضية، التي شهدت انخفاض عدد أيام التدريس وتقليص المناهج، وهو الذي ينتج عنه جيل ناقص علمياً ولأجيال مقبلة، وتبلغ كلفته مليارات الدولارات، في حال لم تتم معالجته.