نص كلمة رئيس الحكومة سعد الحريري في مؤتمر CEDRE في فرنسا:
معالي الوزير
سيداتي وسادتي،
بادئ ذي بدء، أود أن أعرب باسم حكومتي عن امتناننا الكبير للرئيس إيمانويل ماكرون ولفرنسا والحكومة الفرنسية لعقد هذا المؤتمر لدعم الاقتصاد اللبناني. ونحن شاكرون لكم جميعا هنا اليوم. إن حضوركم يدل على الأهمية التي تولونها لاستقرار لبنان.
لبنان بلد صغير يواجه تحديات هائلة: سياسية واقتصادية وأمنية. وتتفاقم هذه التحديات بسبب الحرب السورية وأزمة النازحين السوريين في لبنان.
في السنوات الثلاث التي سبقت الأزمة السورية، شهد اقتصادنا نموا سنويا بمعدل 8 في المئة كحد متوسط. ومع الحرب في سوريا والنزوح الكبير للسوريين الى لبنان ، انهار هذا النمو إلى معدل سنوي بلغ واحد في المئة.
ووفقاً للبنك الدولي، فإن الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بسبب الأزمة السورية كانت 18 مليار دولار حتى سنة 2015. وزادت نسبة الفقر والبطالة بشكل ملحوظ وانخفضت الصادرات بمقدار الثلث. وازداد التفاوت بين الطلب والعرض في مجال البنى التحتية بسبب وجود النازحين السوريين ، بينما تراجعت البنى التحتية العامة القائمة.
بلغت نسبة ديوننا الإضافية بسبب وجود أكثر من مليون نازح سوري في أراضينا 6 مليارات دولار حتى عام 2016. فعلى سبيل المثال، احتسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ان تزويد النازحين بالكهرباء وحدها كلفنا مليار دولار حتى عام 2016.
أدت هذه التطورات بالإضافة إلى الانقسامات السياسية الداخلية إلى إضعاف اقتصادنا وعمل مؤسساتنا بشكل كبير. وقرر اللبنانيون مواجهة هذه الصعوبات.
قبل ثمانية عشر شهرا، انتخبنا الرئيس ميشال عون كرئيس للجمهورية وشكلنا حكومة وفاق وطني بهدف استعادة ثقة مواطنينا والقطاع الخاص والمجتمع الدولي في بلدنا واقتصادنا ومؤسساتنا.
إن تشكيل حكومتي والجهود المحلية المبذولة أدت الى استقرار البلد، واعادت عمل المؤسسات وحافظت على الأمن. وما يعزز هذا الأمر هو الالتزام الذي قطعته
جميع مكونات الحكومة في كانون الاول الماضي باحترام سياسة النأي بالنفس.وقد ظهر بوضوح دعم المجتمع الدولي خلال اجتماعي مجموعة الدعم الدولية ومؤتمر روما 2. انه يدل على الأهمية التي يوليها أصدقاء لبنان لاستقراره وأمنه.
سيداتي وسادتي،
أصدقاء لبنان لأعزاء،
يجب أن يبدأ إحياء لبنان. إن التدابير التي اتخذتها حكومتي في الأشهر الأخيرة ضرورية ولكنها ليست كافية.
التحدي اليوم هو عكس الاتجاه في موضوع النمو والفقر والبطالة. يجب أن تؤدي الحكومة الدور الأساسي في هذا المجال.
بهذا الهدف نحن هنا، لنقدم لكم الرؤية الشاملة لحكومتي من أجل الاستقرار والنمو وخلق فرص العمل. وتستند هذه الرؤية على أربعة دعائم مترابطة.
-
زيادة الاستثمار في البنى التحتية من خلال تنفيذ برنامج الانفاق الاستثماري الطموح.
-
ضمان تنفيذ هذا البرنامج الاستثماري في إطار مالي شامل وديون مستدامة من خلال تعزيز ضريبي يهدف إلى خفض عجز الميزانية بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة.
-
تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي يحتاجها لبنان لتحقيق كل إمكانات النمو المستدام بقيادة القطاع الخاص مع زيادة العدالة الاجتماعية. وتشمل هذه الإصلاحات مكافحة الفساد وتحسين إدارة الضرائب وتحديث وإعادة هيكلة القطاع العام وعملية تموين أفضل والتصديق على قانون حديث بشأن التموين العام وتحديث وترشيد الجمارك والتحول الرقمي للحكومة وبيئة أفضل للأعمال التجارية فضلا عن الإصلاحات القطاعية اللازمة لجعل القطاعات أكثر كفاءة واستدامة.
-
تطوير استراتيجية لتنويع القطاعات الإنتاجية وتحقيق إمكانات التصدير اللبنانية.
سيداتي وسادتي،
لا يمكن للبنان أن ينجح في هذا الجهد بمفرده: هو بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي. إن وجود مؤشر واضح وملموس على هذا الدعم ، متمثلا بمِنحٍ وقروضٍ ميسرة ، سيعطي الأمل في إمكانية تنفيذ رؤية الحكومة ويعزز الثقة مما سيقود البلاد نحو الاستقرار والنمو وخلق الوظائف.
أطلب منكم اليوم الاعتماد على التطورات الإيجابية الأخيرة لتعزيز استقرار لبنان. أقول لكم بصراحة: ان الأمر لا يتعلق باستقرار لبنان وحده بل باستقرار المنطقة وبالتالي استقرار عالمنا جميعا.
شكرا لكم.