كشف رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري "أننا ذاهبون إلى مؤتمر CEDRE لنعرض برنامج الإنفاق الاستثماري ونعرض معه رؤيتنا للاستقرار والنمو وفرص العمل"، مشيرا إلى "أن هدفنا من خلال هذا المؤتمر هو أن نؤمن تمويلا للفترة الأولى من البرنامج التي تمتد على 5 سنوات من العام 2018 حتى العام 2022، والتي يبلغ حجم المشاريع فيها نحو 10 مليار دولار أميركي، ومن هذه الـ 10 مليار دولار لدينا مشاريع بقيمة 3 إلى 4 مليار يمكن أن تنفذ عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص".
كلام الرئيس الحريري جاء، خلال رعايته قبل ظهر اليوم افتتاح منتدى المال والأعمال، الذي تنظمه شركة "كونفكس" بالتعاون مع مصرف لبنان المركزي في فندق فينيسيا. وفي ما يلي نص الكلمة:
"عنوان مؤتمركم اليوم "التنمية الاقتصادية المستدامة للبنان"، وبالفعل هذا هو الموضوع الأساسي في بلدنا اليوم، فالمطلوب منا جميعا أن نتوقف عن التفكير على طريقة "كل سنة بسنتها"، ونبدأ بالتفكير للسنوات العشر أو الخمسة عشر القادمة. وفي هذا الإطار يندرج التزامنا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تم إقرارها في قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في أيلول 2015، ونحن اليوم بصدد تحضير تقرير لبنان الوطني الطوعي الأول حول التقدم المحرز في تحقيق هذه الأهداف. وفي هذا الاطار أيضا يندرج مؤتمر CEDRE الذي هو خطوة مهمة جدا في مسيرة التنمية المستدامة، ونحن ذاهبون إلى هذا المؤتمر برؤية متكاملة للاستقرار والنمو وفرص العمل.
والبرنامج الاستثماري بالبنى التحتية هو الركيزة الأولى لهذه الرؤية، والذي نطمح من خلاله أن تصبح لدينا بنى تحتية تستطيع أن تلبي حاجاتنا المستقبلية وتواكب طموحات اللبنانيين، وبشكل أساسي طموحاتكم أنتم، القطاع الخاص اللبناني. ونحن عرضنا هذا البرنامج خلال مؤتمر الاستثمار بالبنى التحتية الذي عقد في السادس من آذار الجاري. والمؤتمر كان ناجحا جدا، إن لناحية مشاركة عدد كبير من الشركات الأجنبية، أو لناحية الحماسة الكبيرة التي أبديتموها كقطاع خاص بمشاركة الدولة بالمشاريع الممكن تنفيذها عبر الشراكة مع القطاع العام، والتي تتراوح قيمتها ما بين 5 و7 مليار.
وللأمانة أقول لكم: لم تخيبوا أملنا يوما، لم تخيبوا يوما أمل لبنان بكم. وهذا الأمل الذي أراه في عيون كل واحد وواحدة فيكم، هو ما يعطينا العزيمة والدافع للاستمرار، وهو ما يجعلني أعرف لماذا كان حلم الرئيس رفيق الحريري للبنان كبيرا إلى هذا الحد.
والركيزة الثانية لرؤيتنا، هي إجراء الإصلاحات اللازمة بالمالية العامة. هذا الموضوع الذي قطعنا فيه شوطا كبيرا، بعد أن أقرينا في نهاية العام الماضي أول موازنة عامة بعد 12 سنة بدون موازنات، واليوم نتوقع أن نستكمل هذا الإنجاز بإقرار موازنة العام 2018، التي أحالها مجلس الوزراء قبل أسبوعين تقريبا إلى المجلس النيابي. وقد ركزنا خلال مناقشتها على ترشيد وتقليص حجم الإنفاق قدر الإمكان، بهدف ضبط العجز المالي والسيطرة على وتيرة ارتفاع الدين العام. وخلال مناقشتنا لمشروع الموازنة العامة في جلسات اللجنة الوزارية، كان همنا الأساسي أن نتمكن من أن نوازن بين ضرورة تخفيض حجم النفقات وتحديد سقف للعجز من جهة، وبين أن نمنح القطاعات الاقتصادية بعض الحوافز ونخفف الأعباء الضريبية عن القطاع الخاص وعن كل المواطنين من جهة ثانية.
هذا كله حصل، مع الأخذ بعين الاعتبار محدودية واردات الموازنة والحرص على عدم فرض أي زيادات ضريبية. وبكل صراحة أقول لكم أن الجهد الكبير الذي بذل خلال جلسات اللجنة الوزارية، ودرجة التعاون والمسؤولية التي لمسناها عند كل الوزراء، هي تأكيد على أن هناك إرادة جدية اليوم عند جميع اللبنانيين بالتصحيح المالي للمحافظة على الاستقرار المالي والنقدي.
الركيزة الثالثة للرؤية التي سنطرحها في مؤتمر CEDRE، هي القيام بالإصلاحات الهيكلية والقطاعية اللازمة. فالإصلاحات الهيكلية من شأنها تحديث وتطوير الإدارات والمؤسسات العامة اللبنانية ورفع مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن، بالإضافة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل عمل القطاع الخاص، وبشكل أساسي تحديث وإقرار القوانين الضرورية التي تنظم وترعى هذا القطاع.
كما أن الإصلاحات القطاعية المرتبطة بالقطاعات التي يشملها البرنامج الاستثماري لا تقل أهمية عن الإصلاحات الأخرى، وهي جزء من رؤيتنا، لأنها تؤمن استدامة المشاريع التي سيتم تنفيذها.
الركيزة الرابعة هي وضع استراتيجية واضحة لكل القطاعات الإنتاجية. وكما تعلمون، فقد طلبنا من الاستشاري "ماكنزي"، وضع دراسة مفصلة للقطاعات الإنتاجية، وتوصيف مكامن الضعف ونقاط القوة في هذه القطاعات بشكل مفصل.
واليوم فريق عمل "ماكنزي" يجتمع مع كافة الجهات المعنية للتشاور وتبادل الآراء حتى نتوصل لخطة عمل واضحة، يكون الجميع مشاركا فيها وتكون قابلة للتنفيذ.
أنا اليوم أود أن أجدد التأكيد لكم أن هناك نية جدية عند المجتمع الدولي لمساعدة لبنان، لكن علينا نحن أيضا أن نساعد أنفسنا. نحن ذاهبون إلى مؤتمر CEDRE لنعرض برنامج الإنفاق الاستثماري ونعرض معه رؤيتنا للاستقرار والنمو وفرص العمل. وكما تعرفون، البرنامج الاستثماري يمتد على أكثر من 10 سنوات. ونحن من خلال مؤتمر CEDRE هدفنا أن نؤمن تمويلا للفترة الأولى من البرنامج التي تمتد على 5 سنوات من العام 2018 حتى العام 2022، والتي يبلغ حجم المشاريع فيها نحو 10 مليار دولار أميركي. ومن هذه ال10 مليار دولار لدينا مشاريع بقيمة 3 إلى 4 مليار يمكن أن تنفذ عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وهدفنا من مؤتمر CEDRE تأمين تمويل المشاريع المتبقية التي تسعى الدولة إلى تنفيذها والتي تبلغ قيمتها حوالي الـ 6 مليار دولار أميركي، من خلال تسهيلات ائتمانية ميسرة، بفوائد لا تتجاوز الواحد والنصف بالمائة، مع فترات سماح تمتد إلى 10 سنوات وباستحقاقات تصل إلى 30 سنة.
وفي الختام، أود أن أشكر الصديق رفيق زنتوت على جهوده المستمرة وأتمنى أن تكون اجتماعاتكم مثمرة. وبالتأكيد سيكون التواصل في ما بيننا دائما ومستمرا، خصوصا وأن المرحلة القادمة عنوانها سيكون "الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص". وهنا أيضا أود أن اشكر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وكل الهيئات الاقتصادية وأشكر الرئيس ميشال سليمان والرئيس حسين الحسيني والرئيس فؤاد السنيورة على وجودهم معنا اليوم ليؤكدوا على أن القطاع الخاص هو صمام الأمان للبنان. فهذا القطاع كان تاريخيا وما زال وسيكون دائما إن شاء الله العامود الفقري للاقتصاد اللبناني. رؤيتنا واضحة ومشروعنا واضح وعزيمتنا واضحة، ونأمل أن نواصل هذا المشوار معكم، لأنه كان حلم الرئيس الشهيد رفيق الحريري وإن شاء الله سنكمله".