افتتح المنتدى الاقتصادي الافريقي - العربي أعماله بعنوان "خارطة الطريق والتمويل المتاح لاستثمارات ناجحة"، بحضور أكثر من 600 مشارك من 53 دولة في فندق فيرمونت في عمّان، تحت رعاية صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وتنظيم كل من اتحاد الغرف العربية، غرفة تجارة الأردن، اتحاد الغرف الأفريقية، وبالتعاون مع جامعة الدول العربية ومجموعة الاقتصاد والأعمال، والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا كشريك استراتيجي.
وقال رئيس اتحاد الغرف العربية ورئيس غرفة تجارة الأردن العين نائل رجا الكباريتي في كلمته: إن الجغرافيا التي تجمعنا والثروات التي نتقاسمها والتعداد السكاني الضامن كلها مصادر وعوامل قوة لنكون كتلة اقتصادية هائلة مؤثرة في الاقتصاد العالمي ولكن لا نستطيع كدولة واحدة أن نكون لاعب رئيسي ولكن عندما نتحد اقتصادياً نصبح قوة تحترم وذات شأن في العالم أجمع، مشيرا الى إن العالم العربي جزء لا يتجزأ من افريقيا، الحاضن للعديد من الدول العربية. وتابع الكباريتي، ان ما ينقصنا هو الاستراتيجيات والاتفاقيات لتوحيد المجالات وتسخير الأفكار لننطلق بها نحو العمل، والإيمان في التكامل الاقتصادي وتسخير الأدوات لتقوية التبادل التجاري والخدمات (من نقل ولوجستيات)، وتعزيز تبادل المعلومات والتركيز على علم المعرفة ونقل الثقافات، السياحة والخدمات المالية والتعليم، وإنشاء مناطق لتبادل السلع، وإنشاء صناعات تكاملية وليس تنافسية. كما اعتبر ان هذا المنتدى المتميز بحضور نخبة من اقتصاديي 54 دولة، انما هو رسالة واضحة أن القطاع الاقتصادي الخاص كان وسوف يبقى المحرك الاقتصادي للنمو والتنمية في الدول وهذا ما أُثبت في الدول الاقتصادية المتقدمة في العالم، مشيرا الى انه آن الأوان الى تشكيل فريق عمل قادر على المتابعة والعطاء والإبداع لرسم استراتيجيات لبناء شراكات اقتصادية هدفها الانتاج والتصدير والإبداع الفكري.
بدوره، مندوب صاحب الجلالة الهاشمية وزير الدولة لشؤون الاستثمار مهند شحادة، أكد أن هيئة الاستثمار الأردنية ملتزمة بالعمل مع المستثمرين والشركات لتسهيل عملهم في الأردن وتحقيق علاقات قوية متبادلة المنفعة مع تلك الشركات، معبرا عن فخره رغم الاضطرابات الإقليمية، بتعزيز الأردن مكانته كملاذ آمن للأردنيين وللشركاء والاصدقاء. كما أشار الى ان الاردن لديها اتفاقات تجارة حرة تتيح لنا الوصول إلى أكثر من مليار مستهلك، مؤكدا انالأردن يمكن أن تلعب دوراً محورياً كشريك مثالي للشركات والمستثمرين لتحقيق مستقبل مزدهر في العلاقات العربية الأفريقية.
من جانبه، اعتبر رئيس الغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة الشيخ صالح كامل أن الاستثمار لا يحتاج إلى قوانين بل إلى احترام العقود، مشدداً على أهمية محاربة الفساد حيث تحتل عشر دول عربية وافريقية صدارة ترتيب مؤشر الفساد العالمي. وألقى الضوء على الخطة الاستراتيجية للغرفة الإسلامية والتي تتضمن تحقيق العديد من الأهداف وفي مقدمها احياء القيم الأخلاقية في المعاملات التجارية وزيادة حجم التبادل التجاري والسياحة البينية والاستثمارات المتبادلة والمشتركة وتحفيز التعاون المصرفي، لافتاً الى ان تحديات عدة أهمها انخفاض معدل التنمية الاقتصادية وزيادة الفقر والبطالة في الدول الإسلامية وانخفاض التبادل التجاري البيني. كما حدد الآليات اللازمة لمواجهة هذه التحديات كإقرار التأشيرة المفتوحة بين الدول الإسلامية وانشاء البنك الكبير وإزالة الحواجز الجمركية وانشاء مناطق تجارة حرة وتعزيز دور القطاع الخاص في المشاريع الاستثمارية.
أما رئيس اتحاد الغرف الافريقية للتجارة والصناعة والزراعة والمهن أحمد الوكيل، فأشار إلى أن جسور التعاون العربية الافريقية يمكن أن توفر الاستثمارات والتكنولوجيات لتحويل الثروات الطبيعية الافريقية إلى منتجات ذات قيمة مضافة، تخلق العديد من فرص العمل. كما كشف عن تلقي افريقيا في العام الماضي أكثر من 60 مليار دولار منح من مختلف دول العالم والهيئات متعددة الاطراف بواقع حوالى 50 دولار للفرد، الا ان 20 في المئة فقط كانت للتنمية الاقتصادية. واعتبر الوكيل انه حان الاوان للتركيز على الجوانب البينية والاستثمارات المشتركة، من خلال تنمية النقل واللوجيستيات، بمشروعات مثل طريق الاسكندرية كيب تاون، وموانئ محورية مثل محور قناة السويس، داعيا الى استغلال منطقة التجارة الحرة الثلاثية التي ولدت في شرم الشيخ عام 2015 وتضم نصف افريقيا المجاور للوطن العربي، وهى منطقة ذات قوة شرائية تتجاوز 1,3 تريليون دولار، كمرحلة اولى لمنطقة التجارة الحرة الافريقية الشاملة.
وبحسب الوكيل، فإن الوطن العربي يجب ان يغتنم الفرصة، ويكون الشريك التجاري الرئيسي لأفريقيا، خاصة مع وجود الالاف من ابناء الوطن العربي الذين توطنوا في مختلف ربوع القارة الافريقية. والاهم، يجب ان يكون الوطن العربي شريكا استثماريا رئيسيا، خاصة في الزراعة لتحقيق الامن الغذائي، والطاقة الجديدة والمتجددة والصناعات التحويلية لزيادة القيمة المضافة لخيرات افريقيا، بالاضافة الى النقل متعدد الوسائط، الذى تنامى خلال العقد الماضي ليتضمن محور قناة السويس والعديد من المشاريع الرئيسية والتي ستتكامل مع طريق الاسكندرية كيب تاون والموانئ المحورية بقناة السويس لنشر التنمية فى كافة الربوع الافريقية، بربحية عالية.
كلمة أمين عام الجامعة أحمد أبو الغيط ألقاها الأمين العام المساعد ورئيس القطاع الاقتصادي في جامعة الدول العربية السفير كمال حسن علي، الذي لفت إلى انه بالرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاما على أول قمة عربية أفريقية إلا أن العلاقات العربية الافريقية لم ترق إلى ما هو مرجو منها. ومع انعقاد القمة العربية الافريقية الثانية في مدينة سرت الليبية عام 2010 بدأت تؤتى بثمار هذا التعاون حيث أجازت وثيقة للشراكة الاستراتيجية وخطة عمل للتعاون العربي الافريقي خلال القترة 2011 – 2016 والتركيز على ضرورة تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص بين الجانبين العربي والأفريقي. كما عبر عن حرص الجامعة على تفعيل مجالات التعاون والتكامل بين الدول العربية والافريقية من خلال إقامة منطقة تجارة تفضيلية عربية أفريقية بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي يكون الهدف منها خلق مناخ تجاري مناسب لزيادة حركة التجارة البينية بين الجانبين، وتكون أولى مراحل عملية التكامل اقتصادي بيني. كذلك أكد أنه يتعين على الدول الإفريقية الاستمرار في قيامها بتطوير مناخ الأعمال، وتحسين البنية التحتية والطرقات ليتسنى لها جلب استثمارات عربية. وفي المقابل فإن الجامعة العربية تعمل على قدم وساق بهدف حث الدول العربية على المضي قدما نحو زيادة التبادل التجاري بينها وبين إفريقيا أسوة بما يحدث مع أماكن أخرى.
أما كلمة مدير عام المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا فقد ألقاها رئيس قسم التجارة الخارجية والقطاع الخاص في المصرف أحمد شعيب الذي قال: لقد كان لقادة الدول العربية السبق في إستشراف أهمية التعاون الاقتصادي العربي الافريقي باتخاذهم القرار في أوائل السبعينات من القرن الماضي بإنشاء المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا الذي قضى أكثر من أربعة عقود في خدمة التعاون العربي الإفريقي في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومن المهام الأساسية التي رسمت للمصرف الإسهام في تمويل التنمية الاقتصادية للدول الإفريقية وتشجيع مشاركة رؤوس الأموال العربية في التنمية الإفريقية والإسهام في توفير المعونة الفنية اللازمة للتنمية في أفريقيا. هذا ويتميز المصرف عن الكثير من المؤسسات المالية كونه مملوك من طرف الدول العربية إلا انه لا يقرض إلا الدول الإفريقية غير العربية. وقد بلغ إجمالي التمويلات الممنوحة من قبل المصرف لدول إفريقيا جنوب الصحراء حتى 30 يونيو حزيران 2017 ما قدره 5540 مليون دولار.
من جهته، أشار الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي، إلى انه من المؤشرات المشجعة أن نرى الأردن وهو يتابع مسيرة النمو والإصلاح رغم التحديات الكثيرة التي تحيط به والناجمة خصوصا عن الوضع في سوريا والعراق، حيث لم تدع هذه الأزمات ثنيه عن تنفيذ الإصلاحات وتحقيق المزيد من التوازن في الميزانية وتعزيز الثقة بالبلد وبسياساته. ويبقى التحدي الأكبر أمام الأردن هو تحفيز النمو وتوفير فرص العمل رغم الظروف غير المؤاتية، حيث لا يزال الرهان قائما على حدوث تغييرات إقليمية إيجابية مثل فتح معابر التجارة مع سوريا والعراق. وهذا يعطي الأولوية للإصلاحات الهيكلية بما يعزز القدرة على مجابهة التحديات الحالية والمستقبلية. كما ان قيام مجلس السياسات بإطلاق برنامج النمو الاقتصادي للفترة 2018-2022 يساهم في استقطاب الاستثمارات واحتواء الضغوط المالية ويعتبر من التطورات الإيجابية المهمة. وأضاف أبو زكي: يشرفنا أن نتشارك معا في تعزيز العلاقات العربية - الأفريقية اليوم في الأردن وغداً في القاهرة، معلنا عن تنظيم الدورة الثالثة من ملتقى مصر للاستثمار بالاشتراك مع الاتحاد العام للغرف التجارية في 3 ديسمبر كانون الأول 2017 لعرض المستجدات في مناخ وفرص الأعمال والاستثمار في مصر.
وختاما قدمت وزيرة التجارة والصناعة والسياحة في بوروندي باليت نيونكورو عرضاً لفرص الاستثمار في بلدها وفي أفريقيا بشكل عام، وتطرقت إلى التحديات التي تواجه تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية العربية الافريقية وآليات معالجتها.
