أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني عن قرار يسمح للصيادلة باستبدال الدواء الجنيريك المستورد بدواء جينيريك محلي، الأمر الذي لم يكن متاحاً في السابق، كما أكد إعطاء الأولوية للصناعة الدوائية المحلية في عملية شراء الأدوية على اختلاف أنواعها أكانت للأمرض المزمنة أو المستعصية وذلك في كافة المناقصات العامة التي تجريها الوزارة.
كلام حاصباني جاء خلال تمثيله رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في حفل اطلاق الحملة الوطنية لدعم الصناعة اللبنانية للدواء الذي أقيم في السراي الحكومي بمشاركة وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن الذي اقترح حماية صناعة الدواء ودعمها من خلال سلسلة إجراءات.
وحضر الحفل وزير الثقافة غطاس خوري، رئيس لجنة الصحة النيابية عاطف مجدلاني، النائب ناجي غاريوس، الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير، رئيس المجلس الإقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس، رئيس جمعية الصناعيين الدكتور فادي الجميل، عميد الصناعيين اللبنانيين جاك صراف، ومدير عام وزارة الصحة الدكتور وليد عمار، ممثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي رئيس مصلحة الصحة العميد الركن عامر زيلع، ممثل قائد الجيش العميد سامي جبور، ممثل مدير عام الأمن العام العميد جوزف توميه، رئيس طبابة أمن الدولة المقدم الطبيب شوقي متري، نقيب الصيادلة جورج صيلي ورئيس نقابة مستوردي الأدوية أرمان فارس وحشد من المهتمين.
وقد أكد ممثل رئيس الحكومة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني أن صناعة الأدوية اللبنانية تشكل ركنا أساسيا من أركان النظامين الصحي والاقتصادي. فاذا أردنا تحقيق النمو والتوازن في كلا القطاعين، علينا تطوير السياسة الداوئية بما يخفض الإستيراد ويحفز التصنيع والتصدير. فالصناعة المحلية تؤمّن فرص عمل لشبابنا اللبناني ووجهة استثمارية لرؤوس الأموال المحلية، وتحسّن الميزان التجاري. أضاف أن وزارة الصحة العامة اتخذت في هذا الاطار بعض التدابير والإجراءات لرفع مستوى صناعة الدواء وتأكيد جودتها وفق المعايير العالمية. كذلك وضعت آلية مراقبة شديدة عبر لجنة المصانع التابعة للوزارة والتي تضم مختصين في الصناعة الداوئية من كليات الصيدلة والوزارة معاً. كما ان الوزارة تعمل على تفعيل آلية تسعير وإعادة تسعير واضحة متكاملة تشمل الصناعة الداوئية اللبنانية. وهي عمدت الى تحديث آلية التسجيل وجعلها صارمة على الصناعة الدوائية المحلية.
وتابع وزير الصحة العامة مؤكدا أن الوزارة فرضت على المصانع اللبنانية، وفي ظل غياب المختبر المركزي – وعسى أن يعود قريباً - ، إجراء تحاليل على مستحضراتها المصنعة محلياً في مختبرات عالمية معتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، وذلك قبل التسجيل. كما تم اعتماد الوصفة الطبية الموحدة التي أجازت للصيدلي إستبدال الدواء الأساسي Originator بدواء جنيسي Generic ما أعطى فرصة للصناعة الداوئية المحلية بطريقة غير مباشرة .
وأكد حاصباني أن وزارة الصحة العامة تعي تماماً أن مصانع الأدوية في لبنان لديها الكفاءة والخبرة والجودة بشهادة الوزارة، ولديها الطاقة الإنتاجية لتغطية الأسواق المحلية واسواق التصدير، و قدرة إنتاج متاحة Free Production Capacity يمكن الإفادة منها لدعم الإقتصاد اللبناني إضافة إلى الموارد البشرية الكفوءة والتقنيات والإستثمارات اللازمة. لكنها تبقى عرضة لتنافس شرس من الأدوية المستوردة في سوق محلي صغير وأسواق عالمية ابوابها ضيقة او موصدة للاستيراد. لذلك نحن امام تحد كبير لتطوير وتشجيع الصناعة المحلية مع الحفاظ على أسعار تناسب المواطن اللبناني من دون المس بحرية اقتصادنا المصانة في الدستور وإلحاق ضرر كبير بالمؤسسات اللبنانية المستورة للادوية والتي هي ايضا توظف الشباب اللبناني ورؤوس الأموال.
ولفت نائب رئيس مجلس الوزراء إلى أنه بهدف تحقيق هذه المعادلة العادلة، سوف نعمل على تنظيم سوق الدواء وتأمين التوازن المطلوب مع ضمان الجودة، وعلى إعطاء الأولوية للصناعة الدوائية المحلية في عملية شراء الأدوية على اختلاف أنواعها أكانت للأمرض المزمنة أو المستعصية وذلك في كافة المناقصات العامة. وسنعمل على تطوير نظام الوصفة الطبية ليعطي فرصاً إضافية للصناعة الدوائية المحلية مع ضمان الجودة والسعر للمواطن، وكذلك على تشجيع التصدير وتذليل العقبات التي تواجه دخول الأدوية اللبنانية الى الدول الأخرى. وفي هذا الاطار، نجزم بأننا سنعتمد سياسة المعاملة بالمثل.
كما أعلن حاصباني عن اول اجراء يتم اتخاذه في هذا السياق ويتمثل بقرار يسمح للصيادلة استبدال الدواء الجنيسي (الجنيريك) المستورد بدواء جينيسي (جينيريك) محلي اذ لم يكن ذلك ممكنا في السابق. وختم مؤكدا الثقة الكبيرة في صناعة الأدوية اللبنانية وقدرتها الإنتاجية، داعيًا كافة المعنيين في القطاع الصحي من جسم طبي وصيدلاني وهيئات ضامنة ومواطنين على أن يحذوا حذونا في "إختيار الدواء اللبناني".
بدوره، توقف وزير الصناعة حسين الحاج حسن في كلمته أمام ما وصفه عالم صناعة الدواء في لبنان، مشيرًا إلى أنه عالم صناعي حديث ومتطور وتكنولوجي إلى أقصى الحدود، يعمل بامكانات وقدرات وطاقات بشرية وتقنية متقدّمة جدّاً يوازي عالم الصناعة في أكثر الدول الصناعية تقدّماً. وهذا القطاع الوطني مرتبط بشكل وثيق بشراكات واشراف وشهادة اعتراف من أكبر شركات الدواء المشهورة عالمياً. ولفت الحاج حسن إلى تحدّيات جوهرية يواجهها القطاع تضاف إلى المشاكل الكبيرة التي تعاني منها سائر القطاعات الانتاجية وأهمّها غلاء سعر الأرض الصناعية، وارتفاع كلفة الطاقة، والاغراق، والتهريب، وعدم توفّر الحماية والدعم. وهذه التحدّيات لها بعدان: داخلي وخارجي.
أضاف الحاج حسن أنه في الداخل، يوجد تضييق كبير على التعامل مع الدواء اللبناني مقابل اعطاء الأفضلية للدواء الأجنبي المستورد في سوق يستهلك مليار وثلاثماية مليون دولار ثمن دواء، تترواح حصّة مصانع الدواء اللبناني فيه بين 7 % و 10% بأحسن تقدير، أي نحو مئة مليون دولار؛ وفي الداخل أيضاً، إن تسجيل الدواء الأجنبي في لبنان تمهيداً لاعتماده والسماح باستيراده عملية سهلة جدّاً، بينما تسجيل الدواء اللبناني في الخارج عملية شاقّة جدّاً.أمّا في الخارج، فيوجد تضييق كامل على الدواء اللبناني في الدول العربية والأجنبية إذ يصعب كثيراً تسجيل الدواء لاعتماده والسماح بتصديره. والسبب لا يتعلّق أبداً بالمواصفات ولا بالجودة: آلاتنا وتجهيزاتنا من الخارج. الصيادلة والكيميائيون والتقنيون اللبنانيون من حملة الشهادات العليا ومن أصحاب الاختصاص والكفاءات. أضف إلى ذلك أن معاملنا تشرف عليها وتراقب انتاجها شركات أجنبية اوروبية واميركية مشهود بمرجعيتها العالمية.
وسأل الحاج حسن: لماذا إذاً هذا الحصار؟ إنه مرتبط فقط بسياسة الدعم والحماية التي تلجأ إليها كلّ دول العالم وليس معظمها. لا أكثر ولا أقل. ماذا فعلنا للمواجهة؟ أؤكّد لكم أن ما قمنا ونقوم به مهمّ وضروري ولكنه ليس كافياً أبداً. فكلّنا نعلم الصلاحيات المحدودة لوزارة الصناعة بدءاً من موازنتها الضئيلة إلى تشابك دورها ومهامها مع وزارات وادارات أخرى الأمر الذي يحدّ من فاعليتها في خدمة الصناعة.
وتابع وزير الصناعة مؤكدا أنه رغم ذلك، وضعنا في وزارة الصناعة رؤية تكاملية للقطاع الصناعي حتى العام 2025 وأطلقنا برامج متعدّدة أهمّها استحداث مناطق صناعية جديدة وحديثة. أصدرنا قرارات حمائية في مجلس الوزراء لقطاعات صناعية مهدّدة رغم تدخّلات داخلية وخارجية ممانعة. دعمنا معهد البحوث الصناعية الذي يقوم بدوره الرقابي والبحثي والتطويري إلى أقصى الحدود. نتّجه أكثر فأكثر مع مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية إلى فرض الزامية المواصفات. عزّزنا العلاقات والتنسيق مع جمعية الصناعيين اللبنانيين التي تعمل جاهدة من أجل تقوية التفاعل بين القطاعين العام والخاص. أمّا على صعيد صناعة الدواء، فقد شجّعنا على تأسيس نقابة للقطاع أبصرت النور قبل سنة تقريباً. وإننا ندعمها على مختلف الأصعدة.
وكي لا نخرّج صيادلة وكيميائيين وفنّيين للتصدير، وكي نستفيد من طاقاتهم ومؤهلاتهم العلمية في لبنان حيث تعتبر مصانع الأدوية المجال الأرحب لتوظيفهم، اقترح الوزير الحاج حسن على الدولة والحكومة والقطاع الخاص انتهاج سياسة دعم وحماية تؤدي إلى تشجيع أصحاب الرساميل على الاستثمار في هذا القطاع الواعد والقادر على تأمين فرص العمل لطلّابنا وشبابنا، إضافة إلى تبنّي مبدأ المعاملة بالمثل في موضوع تسجيل الأدوية ووضع ضوابط في هذا الإطار، واتّخاذ اجراءات لخفض قيمة المستوردات من الدواء، والعمل لرفع حصّة الصناعة الدوائية اللبنانية في السوق المحلي، وذلك بالتعاون والتنسيق بين الحكومة وكلّ الجهات الضامنة الحكومية والخاصة، وعبر اشراك تجّار ومستوردي الأدوية في هذه الحملة الوطنية وتحوّلهم إلى تجّار ومصدّرين للأدوية اللبنانية إلى الخارج.
وتناول وزير الصناعة صعوبات الشأن الإقتصادي مشيرًا إلى أن النمو في رأي أكثر الاحصاءات تفاؤلاً لم يتعدّ في السنوات الثلاث الماضية الـ 1.5% ، كما أن الدين العام يفوق السبعين مليار دولار، فضلا عن ارتفاع عجز الموازنة في لبنان ليصل تقريباً إلى ثلث الناتج المحلي الإجمالي البالغ 51 مليار دولار؛ أضاف أن عجز الميزان التجاري في العام 2016 بلغ 15.7 مليار دولار باستيراد بلغ 18 مليار و700 مليون دولار وتصدير بـ 2.9 مليار دولار، وسط تراجع تدفّق الرساميل وارتفاع معدّلات البطالة إلى نسب غير مسبوقة وغير معقولة وصلت إلى 35% في صفوف الشباب، واغراق السوق اللبناني ببضائع ومنتجات مدعومة على مستوى الكلفة والشحن في بلاد المنشأ بما يحدّ من قدراتنا التنافسية في سوقنا المحلي، ووضع معوقات فنّية وجمركية وغيرها من الحواجز التجارية تحت تسميات متعدّدة تعيق تصديرالسلع اللبنانية وتحدّ من قدراتنا التسويقية في الأسواق الخارجية. وقال: أمام هذه الوقائع المثيرة القلق، أسمح لنفسي أمام هذا الحضور الكريم بالتنبيه إلى خطورة الوضع. وأتمنّى على اللجنة الوزارية الاقتصادية التي يترأسها دولة الرئيس الحريري أن تجتمع بأسرع وقت لمناقشة الأمور الاقتصادية العاجلة واقتراح الحلول المناسبة لها. والحلول ليست سحرية وإنما واقعية، تبدأ برسم ووضع رؤية اقتصادية عامّة للبلاد تمتدّ للسنوات الخمس أو العشر المقبلة. والأهمّ في هذه الرؤية وضع الخطط السريعة لدعم القطاعات الانتاجية وفي مقدّمها الصناعة للمساهمة في تحقيق النمو. وختم مؤكدا أن الوضع صعب ودقيق، وهو يتطلّب تضافر جهود وطاقات جميع المخلصين وما أكثرهم، من أجل وضع لبنان في ظلّ مظلّة أمان اقتصادي واجتماعي تقيه تقلّبات الموجات الباردة والعواصف العاتية المحيطة والبعيدة. لن نيأس. وسنعمل جاهدين من أجل رفاهية الشعب اللبناني وصحّته وسلامته.
من جهتها اشارت نقيبة مصانع الأدوية في لبنان كارول أبي كرم، إلى أن عدد مصانع الأدوية في لبنان اليوم يبلغ 11 مصنعا، وقد أثمرت الجهود المتخذة لرفع مستوى الصناعة عن تطوير وتصنيع أكثر من 650 نوع دواء لمعالجة أمراض أساسية مزمنة ومستعصية، ذات جودة أكيدة وبأسعار مناسبة، إضافة إلى تأمين أكثر من 1800 فرصة عمل للإختصاصيين من صيادلة وأطباء ومهندسين وكيميائيين وتقنيين وعمال وإبقاء هذه الثروات البشرية في الوطن. كما أشارت أبي كرم إلى استقطاب أكثر من 15 مختبر من أهم المختبرات العالمية الأوروبية الأميركية واليابانية للتصنيع محليا بإجازة Under License ونقل التكنولوجيا خاصتها إلى لبنان.
وقالت أبي كرم إن حجم السوق المحلي يقدر ب1.3 مليار دولار أميركي وحصة الصناعة الوطنية منها حوالى 7% فقط؛ لذا المطلوب وضع وتطبيق سياسة دوائية سليمة تتماشى مع نظام الإقتصاد الحر وتضمن تنظيم سوق الدواء الداخلي، ودعم التصدير وإزالة العقبات أمامه، كما طلبت نقيبة مصانع الأدوية في لبنان الإضاءة على وجود صناعة دوائية ذات مستوى في لبنان من قبل النقابات المعنية بالقطاع الصحي. وختم آملة وضع اليد باليد والإلتزام بالعمل لدعم وتطوير هذا الركن الحيوي وإبقاء لبنان شعلة مضاءة على المستوى الصحي والصناعي. واقترحت اعتبار يوم 17 شباط من كل عام يوم "صناعة الأدوية اللبنانية" لتقييم ما تم إنجازه لتطوير القطاع.
وقد تضمن الحفل عرض فيلم وثائقي قصير عن الصناعة اللبنانية للدواء، كما أطلق الإعلان الخاص بالحملة تحت شعار: "نحن التزمنا الصحة وأنت عليك اختيار الدواء اللبناني".