وقد لوحظ في السنوات الأخيرة تزايد حدة انتشار الأعمال غير المشروعة لتهريب السجائر على مستوى العالم، حيث أظهرت دراسات جديدة أجرتها بعض الشركات تفاقم تلك الظاهرة مقارنة مع السنوات السابقة.
وفي هذا المجال، لا يبقى لبنان بعيدًا عن هذه الظاهرة التي تعبّر عما تشهده الكثير من البلدان.
ومن المؤكّد إن تهريب السجائر يحمل تأثيرات سلبية اقتصاديًا وصحيًا وأمنيًا، مما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة للقضاء على التجارة غير المشروعة في منتجات التبغ، كجزء من سياسة مكافحة انتشار التبغ، لأن تهريب السجائر يعمل على زيادة استهلاكها. كما أن السجائر المهربة تحمل تأثيرات صحية سلبية إضافية كون معظمها لا يتوافق مع معايير الجودة أو المراقبة خلال عملية التصنيع والتوزيع.
وفي ظلّ الأزمة التي تواصل فتكها بلبنان، والتي تلقي بأثرها على المستهلكين والاقتصاد الوطني على حد سواء، هناك ازدهار ملحوظ لعمليات التهريب وأنشطة السوق السوداء والتجارة غير المشروعة ودخول أصناف غير شرعية والاحتكار لمنتجات التبغ وبيعها بأسعار مرتفعة نسبياً مما يؤثر على وضع المواطن، بالتوازي مع حرمان خزينة الدولة من عائدات ضريبية هي بأمسّ الحاجة إليها في هذه الظروف.
ورغم مواصلة إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية "الريجي" جهودها لمكافحة التهريب وقيامها بعمليات دهم في عدة مناطق لبنانية، تراجعت مبيعاتها، ولا تزال العمليات غير المشروعة تحرم خزينة الدولة من بعض الأرباح التي تحولها “الريجي" وكذلك من الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة، وتضعف قطاعاً لم يكن يوماً سوى معينًا للاقتصاد اللبناني الهشّ والمتهالك.
إن تكلفة تجاهل مشكلة التجارة غير المشروعة باهظة على جميع الأصعدة، وأهمها استمرار المخاطر الصحية على المدخنين البالغين الذين قد يستمرون في التدخين. من هنا، فإن التقدم في العلوم والتكنولوجيا الذي يحفز تطوير بدائل أفضل، وضمان إتاحة هذه البدائل المبتكرة بشكل ملائم وعادل سوف يسمح لهؤلاء المدخنين البالغين بالوصول إلى هذه المنتجات، بدلاً من دفعهم إلى السوق السوداء وتشجيع التجارة غير المشروعة المؤذية.