في السياق، يعدّ القطاع الدوائي والصيدلاني من أكثر القطاعات المتأثّرة سلباً بالأزمة. هذا الواقع يضع كل المنظومة الاستشفائيّة وعلاج المرضى في دائرة الخطر، خصوصاً وأن معاناة المرضى لتأمين الدواء كبيرة بسبب الشحّ في العديد من الأصناف أو حتّى انقطاعها وفقدانها الكلي من السوق.
ومع عدم تسديد لبنان مبالغ متراكمة للشركات المصنّعة للدواء في الخارج تتراوح قيمتها التقديريّة ما بين ٣٥٠ و٤٠٠ مليون دولار، ترفض الأخيرة حالياً تسليم أي شحنة للبلد ما لم يتم دفع ثمنها مسبقاً. وتوازياً تنشط "تجارة الشنط" لتهريب الأدوية من تركيا ودول عديدة أخرى ما يسمح بأن تغزو الأصناف المزوّرة والمغشوشة السوق المحلي، فيضطر المرضى على شرائها من دون خضوعها لأي إجراءات تضمن جودتها وفعاليّتها لأنها الخيار الوحيد المتوافر أمامهم.
من هنا، كشفت مصادر صحيّة مطّلعة لموقع vdlnews أن رفع الدعم الكلي عن الدواء، على صعوبته، يبقى الحل الوحيد للمشاكل المذكورة آنفاً وغيرها العديد. وتنقل المصادر، عن أحاديث رسمية تجري خلف الكواليس، أن هذا الإجراء حتمي لأنه سيسمح بتوافر الأدوية للمرضى بجودة عالية ومضمونة وهو أمر يشتكي منه الأطبّاء وليس فقط المرضى، لأن الأدوية التي ينصحون بها لا تأتي بالنتائج المرجوّة. كذلك، عودة حركة الاستيراد الشرعية إلى طبيعتها مفيدة لأنها تزيد من إيرادات خزينة الدولة. هذا عدا عن كون رفع الدعم عن الدواء من المطالب الأساسية للجهات الدولية المانحة، وفي طليعتها صندوق النقد الدولي، الذي لا يحبّذ هكذا أنواع من الدعم، ويفضّل تحويله مباشرةً إلى المريض أو المستخدم النّهائي. بالتالي، يمكن إصدار بطاقة طبية يستفيد منها المريض وتسمح بخلق توازن بعد ارتفاع أسعار الأدوية إن رفع الدعم عنها.
ورغم سوداويّة المشهد، تبقى الحلول كثيرة وقابلة للتنفيذ، واللافت أن هناك مؤسسة رسمية لبنانية يمكن اتّخاذها كمثال في مجال الطّبابة والاستشفاء وهي الطبابة العسكريّة في الجيش اللبناني التي أصبحت من أهم المرافق الطبيّة في الدولة، حيث تؤمن الطبابة والدواء بانتظام لعناصرها. وقد أكد على ذلك قائد الجيش العماد جوزف عون في كلمة ألقاها خلال المؤتمر الطبي الذي نظمته الطبابة العسكرية بعنوان "الرعاية الصحية العسكرية من الجيش إلى كل الوطن"، حيث شدّد على "أننا أولينا الطبابة العسكرية منذ البداية اهتماماً كبيراً، متقدماً حتى على التسليح والتدريب، ووضعنا خطة استراتيجية لتطويرها، بما يحفظ كرامة عسكريينا وعائلاتنا ويوفّر لهم كل الخدمات الصحية اللازمة"، مضيفاً "مؤسسة الجيش هي الوحيدة التي توفّر الخدمات الطبية لعناصرها، وذلك بفضل هذه المساعدات التي لا تزال تصلنا".
أذاً، الحلول للأزمة الصحية والدوائية تبقى كثيرة والدليل ذكر في السطور السابقة، ما ينقصنا اليوم هو تحرّك صارم، واضح، جدّي ونزيه من الطبقة الحاكمة للوصول إلى نهاية جذرية لهذه المشكلة التي تضاعف معاناة المرضى، في حين أن راحتهم النفسية أساسية في رحلة الشفاء.
يمكنكم متابعة صفحة موقع Business Echoes على إنستغرام من خلال الضغط هنا.