تدخل قضية تسليم المديرة المالية لهواوي، والتي امتدت على مدار أكثر من عامين مرحلة مهمة خلال شهر آب اغسطس المقبل، حيث قدم المحامون في المراحل السابقة أدلتهم المرتبطة بوجود ثغرات في أدلة المدعي العام ضد موكلتهم.
ويشهد الشهر القادم آب أغسطس 2021 الجلسات النهائية لمرحلة الاستماع من المحاكمة في المحكمة الكندية "بريتش كولومبيا" حيث ستقرر القاضية ما إذا كان من الممكن تسليم مينج وانجو إلى الولايات المتحدة التي تطالب بها.
تم القبض على مينغ وانجو، ابنة رين زينفيه مؤسسة شركة هواوي وؤئيسها التنفيذي في فانكوفر ديسمبر كانون الأول 2018 بتهمة الاحتيال على بنك اتش اس بي سي. وتزعم الحكومة الأمريكية أن وانجو ضللت البنك بشأن علاقة هواوي بشركة "سكايكوم" التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، مما عرّض البنك لخطر انتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران التي تدير "سكايكوم" أعمالها فيها.
ركزت المرحلة الأولى من جلسات تسليم مينغ على ما إذا كانت جرائمها المزعومة تُعتبر جرائم في كل من الولايات المتحدة وكندا. وقال محاموها في المحكمة أن قضية وانجو تتعلق بالعقوبات الأمريكية ضد إيران، وأنها ليست قضية احتيال، كما أن كندا لا تفرض أي عقوبات مماثلة على إيران.
وفي المرحلة الثانية التي انتهت مؤخراً، قدم محامو وانجو مجموعة من الوثائق التي قالوا إنها تدحض مزاعم الولايات المتحدة التي تدعي أن مسؤولي بنك اتش اس بي سي لم يكونوا على دراية بعلاقة هواوي بشركة "سكايكوم".
وتدحض رسائل البريد الإلكتروني والوثائق التي تم تقديمها للمحكمة المزاعم الأمريكية بأن الموظفين الصغار في البنك الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقراً له هم الوحيدون الذين كانوا يعرفون بحقيقة العلاقة بين هواوي و"سكايكوم". وقال محامو مينغ بأن الوثائق "تُظهر أن الولايات المتحدة قدمت مزاعم انتقائية ومضللة و"كاذبة بشكل واضح" للسلطات الكندية".
وزعم الادعاء أن بنك "إتش إس بي سي" اعتمد على عرض تقديمي قدمته وانجو لاتخاذ قرار بشأن مواصلة التعامل المالي مع هواوي، إلا أن السجلات التي تم تقديمها للمحكمة أظهرت أن واحداً من مسؤولي البنك والذي يتولى منصب "المدير التنفيذي" والمسؤول عن تقييم المخاطر كان على دراية كاملة بالعلاقة بين هواوي و"سكايكوم".
واقترح المدير التنفيذي على لجنة إدارة المخاطر في بنك إتش إس بي سي أن يواصل البنك تعامله مع هواوي ووقّع أربعة تقارير لتقييم المخاطر من أجل دعم اقتراحه.
كما تزعم الولايات المتحدة أن بنك "إتش إس بي سي" اعتمد على نفس العرض التقديمي لتقييم مخاطر التعامل مع هواوي. وتظهر السجلات أن لجنة تقييم المخاطر في بنك "إتش إس بي سي" في آسيا والمحيط الهادئ أجرت تقييماً للمخاطر بشأن علاقة هواوي مع "سكايكوم" بعد التقرير الذي نشرته وكالة رويترز في ديسمبر كانون الأول 2012 والذي أشار إلى أن عمليات "سكايكوم" في إيران قد تنتهك لوائح العقوبات الأمريكية على إيران.
وقدمت لجنة اختيار العملاء في بنك "إتش إس بي سي" في آسيا والمحيط الهادئ تقريراً إلى لجنة المخاطر العالمية أشار إلى أنه من المقبول أن يواصل بنك "إتش إس بي سي" تعاونه مع هواوي.
كما أرسل مدير إدارة عملاء البنك للشركات الصينية الكبيرة رسالة عبر البريد الإلكتروني في 2 يناير كانون الثاني 2013 إلى المدير التنفيذي لبنك "إتش إس بي سي" وغيره من المسؤولين شرح فيها العلاقة بين هواوي و"سكايكوم".
وجاء في البريد الإلكتروني أن هواوي و"سكايكوم" يستخدمان نفس العنوان ولدى كل منهما حسابات في بنك "إتش إس بي سي". وتم إرفاق البيانات المالية لشركة "سكايكوم" لعام 2011 بالبريد الإلكتروني والتي أظهرت أن "سكايكوم" كانت تنفذ أعمالها الأساسية في إيران، مما يشير إلى أن مسؤولي بنك "إتش إس بي سي" كانوا على دراية تامة في ذلك الوقت بعلاقة هواوي بشركة "سكايكوم" وأعمال "سكايكوم" في إيران وأنه كان بإمكانهم تقييم المخاطر المتعلقة بتلك الأعمال بناءً على هذه المعلومات.
يذكر أن هواوي وقعت في خضم حرب سياسية وتجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث أشارت تصريحات دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق إلى أن الولايات المتحدة استخدمت قضية مينغ وانجو كورقة للتفاوض في النزاع بين الطرفين.
واستناداً إلى بعض التحليلات وتصريحات كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية وإجراءات الحكومة الأمريكية يمكن القول أن قضية تسليم الآنسة مينج ترتبط بدوافع سياسية، حيث قامت الولايات المتحدة بالاعتماد على بعض المعلومات بشكل انتقائي لتحقيق أهداف غير قانونية الغرض منها كبح جماح قيادة الصين للتكنولوجيا ممثلة بشركة هواوي محاولة منها للحفاظ على الهيمنة الامريكية الغربية في المجال التكنولوجي.
ويرى العديد من المحللون بأن السياسات التي اتبعها الرئيس الأمريكي السابق وإدارته مثل استخدام قضية الآنسة مينج "كورقة للتفاوض" في الصراع السياسي تقوض سيادة القانون ونزاهة الإجراءات القضائية في كندا بشكل خطير.
ويعد بنك "إتش إس بي سي" من أكبر البنوك الأجنبية التي تدير أعمالها في الصين. وعلى الرغم من أنه يتخذ من لندن مقراً رئيسياً له، إلا أن ما يصل إلى 80% من أرباح البنك تأتي من دول آسيا مثل هونغ كونغ والصين والتي تعتبر واحدة من أكبر الدول التي يحقق فيها البنك أرباحاً.
وجاءت هواوي في المرتبة السابعة عشرة بين أكبر عملاء بنك "إتش إس بي سي" في ذلك الوقت، حيث ساهمت في تحقيق إيرادات وأرباح كبيرة للبنك. ويعتقد البعض أن تهمة الاحتيال المالي تم توجيهها للآنسة مينغ وانجو المديرة المالية لشركة هواوي بسبب منصبها المالي وكونها ابنة مؤسس شركة هواوي ورئيسها التنفيذي.
ويحاول محامو مينغ بالاعتماد على الأدلة أن يثبتوا أن طلب الولايات المتحدة لتسليم مينغ وانجو تمّ بدوافع سياسية وليس له أي علاقة بتحقيق العدالة، وأن المزاعم التي استندوا اليها باطلة وتفتقر للدليل.
Alain Kareh
[email protected]
نذكركم انه بات بإمكانكم متابعة صفحة موقع Business Echoes على إنستغرام من خلال الضغط هنا والتي سيكون محتواها مختلفاً عن المحتوى الذي ننشره على صفحة فايسبوك.