وفي الأسبوع المنتهي في الرابع والعشرين من يونيو/حزيران، اختفى 40 بنكاً صينياً بعد دمجهم في بنوك أخرى أكبر، علماً بأنه لم تختف البنوك المقرضة بهذه السرعة حتى في ذروة أزمة الادخار والقروض في أميركا.
ماذا يحدث؟
كانت الهيئات التنظيمية في الصين تكافح من أجل إصلاحات وعمليات دمج مختلفة لسنوات، ومنذ عام 2019، انهارت العديد من البنوك متوسطة الحجم وشركات إدارة الاستثمار القوية وجهات التمويل الحكومية.
ولكن البنوك الصغيرة الريفية هي التي تسبب المشكلة الأكثر تعقيدًا، حيث تنتشر نحو 3800 مؤسسة منها في الريف الصيني، وهذه البنوك الصغيرة لديها أصول بقيمة 55 تريليون يوان (7.5 تريليون دولار) أو 13% من إجمالي النظام المصرفي.
وأساءت هذه البنوك إدارة الأصول لفترة طويلة، وتراكمت عليها كميات هائلة من القروض المتعثرة، وأقرض العديد منها مطوري العقارات والحكومات المحلية، وأصبحت عرضة لتداعيات أزمة العقارات في الصين، وتبين في السنوات الأخيرة أن 40% من سجلاتها المالية تتكون من قروض متعثرة.
معالجة الفوضى مهمة حساسة للغاية، حيث أُنشأت العديد من هذه البنوك من أجل خدمة الشركات الصغيرة، وخاصة في أفقر المناطق في الصين، وتكافح البنوك العالقة بديون متعثرة لتزويد الشركات بالأموال، مما قد يضر بالشركات الضعيفة والنمو الاقتصادي المحلي.
هددت البنوك الصغيرة الأسوأ أداءً الاستقرار الاجتماعي بالفعل، وهو الشاغل الرئيسي لزعيم البلاد "شي جين بينج"، وتسبب الاحتيال على نطاق واسع في تجميد العديد من عمليات السحب في عام 2022، مما أدى إلى تكدس المودعين أمام الفروع.
ماذا عن الحلول؟
تدخل الدولة محفوف بالمخاطر أيضًا، ويمكن أن تؤدي الشائعات حول الضائقة أو إعادة الهيكلة أو الدمج إلى هروب المودعين من البنوك، لكن كان أحد الحلول هو إجراء إعادة رسملة بسيطة.
وتصدر الحكومات المحلية سندات ذات غرض خاص تستخدمها في أشياء من بينها إنقاذ البنوك، ورغم أن 218 مليار يوان فقط من العائدات ذهبت إلى البنوك الإقليمية في العام الماضي (تعادل 1% من أصولها المرجحة بالمخاطر) دفعت بعض المقاطعات المتعثرة المزيد.
بين ديسمبر 2020 ومايو من العام الجاري، ضخت لياونينج في شمال شرق الصين 17% من عائدات السندات ذات الغرض الخاص في بنوكها، والآن تقع المقاطعة في قلب أزمة التعامل مع البنوك الصغيرة.
ومن بين المؤسسات الأربعين التي اختفت مؤخرًا، كانت 36 مؤسسة في المقاطعة ودُمجت مع مقرض جديد يُدعى "لياونينج رورال كومرشيال بنك- Liaoning Rural Commercial Bank"، والذي أُسس كوعاء للبنوك السيئة.
ومنذ إنشائه في سبتمبر/أيلول، أُسست خمس مؤسسات أخرى للقيام بعمل مماثل ومن المتوقع إطلاق المزيد، ومن المرجح أيضًا أن يكتسب هذا العمل التنظيمي زخمًا.
ماذا في الآفق؟
تقدر وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز غلوبال" أن الأمر سيستغرق عقداً من الزمان لإتمام مشروع الاحتواء الصيني للبنوك، ويقول البعض إن عددًا أقل من البنوك الأكبر حجمًا سوف تكون مراقبتها سهلة.
فيما يزعم المنتقدون أن الأمر لا يزيد عن كونه "خدعة"، ويقولون إن الجمع بين عشرات البنوك السيئة لن يؤدي إلا إلى خلق بنوك أكبر وأشد سوءاً.
إن الجهات التنظيمية تضاعف جهودها في مجال الدمج لأنها تفتقر إلى الآليات التي تسمح للبنوك بالإفلاس والخروج من السوق، على العكس مما حدث خلال أزمة مؤسسات الادخار والقروض، عندما أقر المشرعون الأميركيون قانون إصلاح المؤسسات المالية واستردادها وإنفاذها.
وخلق هذا القانون وسيلة لبيع أصول المقرضين الصغار وساعد في حل الأزمة بطريقة منظمة، فيما كانت الصين تتخبط للوصول لمثل هذا القانون منذ سنوات.
اقتُرح مشروع قانون يسمى قانون الاستقرار المالي في جلسة تشريعية في بكين خلال يونيو لكنه أُجل مرة أخرى، والآن أصبح هذا العجز شائعًا في صناعة السياسات الصينية.
ومع تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل أكبر، سوف تحتاج الدولة إلى أكثر من مجرد التلويح بحلول المشاكل في أدنى درجات النظام المصرفي.
المصدر: إيكونوميست/أرقام