يحظى الدولار الأميركي بالنفوذ الأكبر في الأسواق العالمية وعالم التمويل منذ فترة طويلة، ورغم دوره الرئيسي في التجارة الدولية والذي من غير المرجح أن يتلاشى في وقت قريب، فإن مملكة العملة الخضراء بدأت تُظهر بعض الضعف.
وقد خضع الدولار مؤخراً لإنتقادات كثيرة من جهات رسمية دولية وغير رسمية، ويرى المنتقدون أن الطريقة التي تستغل بها واشنطن نفوذها في النظام المالي، تعد سبباً في استياء أطراف دولية عدة، وتدفع نحو استحداث أنظمة بديلة لا تكون العملة الأميركية محورها.
على سبيل المثال، تحاول أوروبا إستخدام نظام يطلق عليه "إنستكس" لتسوية المعاملات بين المصدرين والمستوردين، بعيداً عن النظام المالي العالمي التقليدي، باالإعتماد على آليات تشبه إلى حد كبير طريقة المقايضة.
وتشير أحدث البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي حول احتياطيات البنوك المركزية إلى تحول طفيف بعيداً عن الدولار، ما يراه المحللون إشارة إلى إعادة التفكير في المخاطر السياسية المرتبطة بالأصول الأميركية.
ففي تقريره الفصلي عن احتياطيات البنوك المركزية الصادر الشهر الماضي، قال صندوق النقد الدولي إن حصة الدولار من السوق العالمي كانت أقل من 62% خلال الربع الثاني من 2019، بانخفاض نسبته 0.76% عن نفس الفترة من 2018.
وبدلاً من ذلك، جمع مديرو احتياطيات البنوك المركزية، الذين يشكلون قوة هائلة في الأسواق العالمية، ما نسبته 3.5% من الدولارات الإضافية لسلة عملاتهم على مدار العام، مقارنة بـ17% لليوان الصيني، وحتى 8% للجنيه الإسترليني رغم مخاطر بريكست.
يرى محافظ بنك إنجلترا المركزي، مارك كارني، أن وضع الدولار كعملة احتياط عالمية يواجه تحديات، وأنه من الممكن استبداله من خلال عملة رقمية بديلة لإنهاء تخمة الإدخار التي أدت إلى 10 سنوات من التضخم المنخفض وأسعار الفائدة المتدنية للغاية.
وأشار رئيس البنك المركزي البريطاني إلى أن الدولار الأميركي وصل إلى مستوى من الهيمنة تجعله عائقاً أمام تحقيق الانتعاش المستدام، مشيراً إلى أن عملية الاستبدال ستكون على غرار ما حدث عند التحول من هيمنة الجنيه الإسترليني في أسواق المال الدولية قبل 100 عام.
ويرى كارني أن العملة الرقمية الجديدة التي قد تحظى بدعم مجموعة كبيرة من الحكومات وستدفع البلدان إلى تحرير ما تحتفظ به من دولارات كوسيلة أمان للأوقات العصيبة.
من جانبه قال الرئيس السابق لمجموعة الأسواق التابعة للبنك المركزي الأميركي في نيويورك، سيمون بوتر، إنه على يقين من عدم إمكانية إكتساب أي عملة رقمية لقوة أكبر من الدولار أو بما يكفي لدعم الاقتصادات العالمية، مضيفًا أن العملة الأمريكية بالغة الأهمية بالنسبة للدول الأخرى.
ووفقاً لمصرف غولدمان ساكس، فإن احتياطيات الدولار تراجعت بنحو أربع نقاط مئوية خلال عامي 2017 و2018، وفي الوقت نفسه واصل مديرو الاحتياطيات إضافة اليوان الصيني والين الياباني إلى حيازاتهم، خاصة في البلدان التي تربطها علاقات سياسية متوترة مع واشنطن.
نذكركم انه بات بإمكانكم متابعة صفحة موقع Business Echoes على إنستغرام من خلال الضغط هنا والتي سيكون محتواها مختلفاً عن المحتوى الذي ننشره على صفحة فايسبوك.