يعتبر العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية لا تفرق بين دول غنية أو فقيرة وبين دول متقدمة أو نامية، اذ يعاني ثلث نساء العالم من العنف بشتى أنواعه الجنسي والجسدي واللفظي.
وإذا ألقينا نظرة على نسب العنف المنتشرة حول العالم، يتبين ان مصر هي أسوأ مكان عربي، يمكن أن تعيش فيه المرأة بحسب دراسة أجرتها مؤسسة تومسون رويترز. كما انها تحتل المرتبة الثانية عالميا بعد أفغانستان في التحرش الجنسي، وفقا لدراسة للامم المتحدة التي أظهرت أن 99 في المئة من المصريات تتعرضن لشكل من أشكال التحرش. إفريقيا، تعتبر الكونغو من أسوأ خمس دول في العالم، بسبب عمليات الإغتصاب الوحشية التي تقع فيها، بحسب استطلاع عالمي أجري عام 2011، في حين تسجل جنوب إفريقيا واحدا من أعلى معدلات الإغتصاب حول العالم، كما تتعرض إمرأة للقتل كل 8 ساعات على يد شريكها.
أما في الإتحاد الأوروبي، فتواجه النساء مخاطر الإعتداء الجسدي أو الجنسي، حيث أن واحدة من كل 3 نساء في الإتحاد تعرضت لهذه الإعتداءات. وكشفت وكالة الحقوق الأساسية التابعة للإتحاد الأوروبي أن ما يقدر بـ 13 مليون إمرأة تعرضت لسوء المعاملة الجسدية، وأن 3.7 ملايين إمرأة اغتصبن أو تعرضن لتحرش الجنسي. هذا وتتعرض إمرأة من بين 5 سيدات في أميركا للإغتصاب في حياتهن، في حين أن 40 في المئة منهن تخضن شكل من أشكال العنف الجنسي، وفقا لبيانات لمجلة "تايم" الأميركية. أما في كندا فتتعرض 51 في المئة من النساء لخطر التعنيف، إذ أن 61 في المئة من البالغين يقولون أنهم يعرفون شخصيا إمرأة واحدة على الأقل كانت ضحية العنف الجسدي أو الجنسي، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية.
ويلاحظ من هذه الأرقام والنسب ان ظاهرة العنف تنتشر بشكل واسع ومخيف، الامر الذي يترك آثارا سلبية على المرأة. فمن الناحية النفسية، قد تفقد المرأة ثقتها وإحترامها لنفسها، وتشعر بالذنب إزاء الأعمال التي تقوم بها، الى جانب إحساسها بالعجز والإحباط والكآبة، وعدم الشعور بالإطمئنان والسلام النفسي والعقلي. ولاشك أن هذه الآثار النفسية تصاحبها آثار جسدية، تتمثل في الإصابة بالتقرحات والكسور وتضرر في الأعضاء الداخلية، الحمل الغير مرغوب فيه، الصداع المزمن، الإعاقة الدائمة، ضيق التنفس والربو، إلى جانب الإنتحار، وجرائم القتل وإنتشار مرض نقص المناعة "الإيدز".
كما تعتبر الآثار الإجتماعية من أشد وأخطر ما يتركه العنف على المرأة، لا سيما الطلاق التفكك الأسري، سوء وإضطراب بين أفراد العائلة الموسعة، تسرب الأبناء من المدارس، عدم التمكن من تربية الأبناء وتنشئتهم، وكذلك العدوانية والعنف لدى أبناء الأسرة التي يسودها العنف. وهذه الأثار الإجتماعية من شأنها أن تؤثر إقتصاديا على المرأة والمجتمع، اذ يؤدي العنف الممارس ضدها إلى تكبد تكاليف إقتصادية ضخمة تخلف آثار عديدة على المجتمع بأكمله. كما ان النساء المعنفات يعانين من العزلة وعدم القدرة على العمل وفقدان الأجر ونقص المشاركة في الأنشطة المنتظمة.
أخيرا، وعلى الرغم من الجهود الدولية والمحلية للقضاء على العنف ضد المرأة ورفع الظلم وإزالة الممارسات والأفعال تجاهها، إلا أنه تعذر الحد من مخاطرها، بل تنامى مفعولها وتصاعدت أثارها السلبية الواقعة على جهود التنمية وإرساء معايير العدالة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية. لذا يتطلب الأمر معالجة جذرية من خلال عدة إجراءات أبرزها، القضاء على الأمية بين صفوف النساء من أجل التأثير إيجابا على مستوى الوعي بظاهرة العنف، تأمين الدعم والحماية للنساء المعنفات وإعادة دمجهن في الحياة الإجتماعية، وضع برامج وآليات لإشراك الرجل في مناهضة العنف ضد المرأة، الى جانب سن وتطوير التشريعات والقوانين والإجراءات القانونية التي تنسجم مع مبادئ القرارات والإتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان ومناهضة العنف ضد المرأة.
وكالة أخبار المرأة