أصيب سكان بعض بلدات البقاع الغربي والأوسط وراشيا وزحلة، في الايام القليلة الماضية ولا يزالون حتى اليوم ، بالهلع والقلق نتيجة اجتياح أسراب من الخنافس السوداء إلى الطرقات وبين المنازل. وأفاد السكان بمشاهدة أعداد كبيرة منها على الطرقات والأرصفة والحقول، في ظاهرة غريبة لم يشهدها لبنان من قبل.
ونقلت المركزية عن سكان محليين، رجّحوا أن تكون هذه الظاهرة تنبئ بهزة أرضية أو زلزال غالبا ما تشعر به الحشرات مسبقا، ناشدوا الحكومة اتخاذ إجراءات فورية للحد منها. وانتشرت صور على شبكات التواصل الاجتماعي للخنافس التي أثارت الرعب لدى سكان قرى البقاع وزحلة.
وكانت الخنافس السوداء، انتشرت منذ مدة في مناطق في حمص وحماة بسوريا، واجتاحت أعداد كبيرة منها ضواحي دمشق الأسبوع الفائت.
والإسم العلمي لهذه الخنافس هو Calosoma ومن المعروف أنها من فصيلة الحشرات المفيدة، سواء في طورها اليرقي أو عند بلوغها، وهي تشبه الصراصير، ولكنها تملك قدرة على الطيران وتسلّق الأشجار، وتنفث رائحة كريهة إذا كانت في حالة دفاعية. أما سبب ظهورها بأعداد كبيرة في هذا التوقيت من العام، فيعود حسب مصادر، إلى ارتفاع درجات الحرارة الذي يساعدها على النمو والتكاثر والخروج من مخابئها.
من جهته يقول رئيس بلدية جب جنين المحامي عيسى الدسوقي في حديث لموقع Business Echoesلأخبار الاقتصاد والبيئة، ان هذه الظاهرة لا يمكن معالجتها، الا بالتنسيق مع 3 وزارات هي الصحة والزراعة والبيئة، وخصوصاً وزارة الزراعة، للتأكد من أنها مضرّة وان كانت مكافحتها واجبة، ولتحديد ايضاً ما هو نوع الدواء الواجب استخدامه، خصوصاً انه لا يجب الحاق الضرر بالسكان وما يحيط بهم من حيوانات ونباتات وطيور لأنها متواجدة بين المنازل، مع الإشارة الى ان مصلحة الزراعة اعتبرت ان هذه الخنافس ليست ضارة لمكافحتها وان لا داعي للهلع والخوف.
وفي هذا السياق، اتصل محافظ البقاع القاضي كمال أبو جوده برئيس مصلحة وزارة الزراعة في البقاع الدكتور خليل عقل، لعرض موضوع الخنافس السوداء او Calosoma التي ظهرت بشكل كبير في بعض المناطق البقاعية خلال اليومين الماضيين، حيث أوضح عقل أن هذه الحشرات غير مؤذية وغير ضارة للانسان والمزروعات، وهي تتغذى من الأعشاب اليابسة، وتتراوح دورة حياتها بين 22 و 26 يوما.
وطمأن أبو جوده المواطنين في بيان إلى أن لا داعي للهلع والخوف من وجود هذه الخنافس السوداء، لانها ليست حشرة وبائية ولا تؤثر على صحة الإنسان، والموضوع تمت متابعته مع البلديات وقائمقامي راشيا والبقاع الغربي.
وفي هذا السياق كانت المهندسة الزراعية زينيت موسى اعتبرت في حديث للمدن، أن كل هذه الاعتقادات، لا تستقيم من الناحية العلمية، فعلى رغم المشهد المقرف لهذه الخنفساء السوداء، يبدو أن وجودها مفيد للطبيعة، مشيرة الى انها كانت في ثبات خلال فصل الشتاء، أدخلها في مرحلة النمو، لتخرج من مخابئها مع ارتفاع درجات الحرارة، جائعة. وعليه فهي قد تبقى مستوطنة في الطبيعة، إلى ما بعد شهر حزيران، إذا استمر الطقس معتدلا بدرجات حرارته.
ونفت ما يقال عن قدوم الخنفساء من سوريا، كونها ليست من فصيلة الحشرات المهاجرة، كالفراشات التي شاهدناها قبل أسابيع. أما كمياتها الكبيرة المفاجئة، فمرتبطة بتوفر العوامل المناخية، وبمقدار التغذية الذي حصلت عليه في الصيف والخريف الماضيين، والذي سمح بإباضتها بشكل كبير.
وقالت ان انتقال هذه الحشرات من مكان إلى آخر محدود جدا، كونها لا تنتقل بأسراب، إنما تلجأ إلى ذلك عندما يتكاثر عددها بشكل كبير. فيغادر الجيل القديم إلى أماكن أخرى، من دون أن يسافر لمسافات طويلة، ويتركه مكانه للجيل الجديد.
أما كيف يتم إبعاد الـ Calosoma عن المنازل فهو يتمثّل بالإضاءة، وبما أن ظهورها في الليل خصوصاً، مرتبط بكونها حشرات ليلية، تنجذب للضوء بشكل أساسي. فيمكن للناس إبعادها عن منازلهم، من خلال إطفاء المصابيح الخارجية في المنازل والحدائق.
مشهد هذه الحشرات لا شك أنه "مقزز"، ولكن النصيحة التي توجهها موسى هي بعدم مكافحتها، لأنها على رغم مشهدها "المقرف" هي مفيدة جداً للطبيعة.
باسل الخطيب
[email protected]