في الوقت الذي يترقب فيه اللبنانيون خبراً ايجابياً طال انتظاره عن البلاد وواقع السياسة والامن، يلهو آخرون بالحديث عن الطريقة التي شكلت الحلّ لمشكلة امتحانات الطلاب ومقاطعة التصحيح. فمنهم من أيّد وزير التربية بقراره منح 148 ألف طالب افادات نجاح، ومنهم من أيّد هيئة التنسيق والاساتذة بقرارهم مقاطعة التصحيح. الفريقان يلهوان، لكن الجميع يطوي صفحات من ايام لبنان، لبنان الذي اصبح بلدا للوقت الضائع، وتبادل الاتهامات، والتظاهرات، والاعتصامات، والخلافات، ووضع العصي بالدواليب هذا ان بقي دواليب لم تُحرق في البلاد. لا احد يعلم كم يوم انتاجي اصبحت تحوي السنة في لبنان، فتزايد ايام الاعتصامات والاضرابات والتعطيل ادى الى تراجع معدل الانتاجية، بالاضافة الى الايام التي تتوقف فيها الانتاجية والحركة الاقتصادية ، بسبب حادث هنا او قنبلة هناك او تفجير ارهابي يستهدف ابرياء او قوى عسكرية او جيش. فالطرق متعددة والنتيجة واحدة، خسائر بشرية ومادية، وتراجع الثقة في لبنان، لبنان الذي كان يشكّل واحدا من اكثر البلدان جذبا للسياح والاستثمارات في المنطقة، الا انه اليوم اصبح واحدا من الدول ذات المخاطر المرتفعة، والبلاد التي تفتقر للامن والاستقرار.
البطالة تتزايد وسط ندرة الاعمال الجديدة التي تخلق فرص عمل، والهدف الاول للشباب وخريجي الجامعات هو الهجرة بحثا عن وظيفة وراحة بال، بينما يبقى في لبنان من لم يحظَ بفرصة للهجرة او العمل بالخارج. لا احد يكترث لما يحصل في البلاد فكل شخص عندما يلتمس الفساد يقول " شو وقفت عليي؟" ، لكن لا احد يعترف ان الابقاء على الوضع كما هو عليه اليوم، سيعود بالضرر على الجميع خصوصا الاجيال القادمة التي شربت ماء الفساد والفوضى والطائفية والغش والوصولية. وما يزيد الطين بلّة هو الفراغ السياسي الذي يعيشه لبنان الذي مضى عليه اليوم اكثر من 87 يوما دون رئيس للجمهوية والسبب ان السياسيين اتفقوا على ان لا يتفقوا.
والاخطر من ذلك ان كافة الدول الاخرى تتطور على حساب تراجع لبنان، فالاستثمار يبحث عن الامن والاستقرار لان رأس المال جبان، والسائح يبحث عن البلاد الآمنة ايضا ، واهل البلد حتى، يبحثون عن مكان آخر أكثر أمنا واستقرارا من وطنهم، فمن يبقى؟ اصحوا ايها اللبنانيون وابدأوا بمعالجة الخلل من منازلكم ومن انفسكم وأكملوا مع اولادكم واصدقائكم وممثليكم .
بقلم باسل الخطيب
رئيس تحرير موقع BusinessEchoes.com
معدّ ومذيع اخبار الاقتصاد على شاشة المستقبل
[email protected]