بقلم الاستاذ
عدنان أحمد يوسف
الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية
الرئيس السابق لإتحاد المصارف العربية
تتطلّع المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي ، منذ سنوات عديدة ، إلى بناء إستراتجيات ترمي إلى تلبية الإحتياجات التنموية لهذه الدول ، وذلك من خلال تقديمها مروحة واسعة من الخدمات والمنتجات المصرفية والمالية الإسلامية المبتكرة التي تواكب التطورات الإقتصادية من جهة وتتلائم مع متطلبات الأفراد والمؤسسات في هذه الدول من جهة أخرى .
ومن الجدير بالذكر هنا أن دول مجلس التعاون أبدت حرصاً شديداً في الآونة الأخيرة على توفير بيئة مال وأعمال وإستثمار متطورة وذات مقاييس عالمية ،الأمر الذي يلقي على كاهل القطاع المصرفي والمالي الإسلامي لديها مسؤولية تحديث مستوى أداء الأعمال ، في عصر التكنولوجيا والإتصالات الذي يستلزم بدوره إدارات تنظيمية كفوءة ومتمكنة من الإفادة من مزايا الصناعة المصرفية الإسلامية ، وكذلك من بيان مدى قدرتها ، وفق المؤشرات العالمية ، من التنافسية الإقتصادية في الأسواق الخليجية والإقليمية والدولية .
كما أن دول مجلس التعاون الخليجي معنية اليوم بتهيئة عملية إنتقالها السلس من مرحلة الصناعات التقليدية القائمة أساساً على ثلاثية الأيدي العاملة ورأس المال والمواد الأولية ، إلى مرحلة الصناعات المعرفية المعتمدة على بناء القدرات المهنية العالية والخبرات المتخصصة والمهارات البشرية المتميزة ، بحيث أضحت هذه الصناعات الجديدة إحدى أهم مكونات الإقتصادات الناهضة القائمة على الإبتكار والمستندة إلى التكنولوجيات المتقدمة ، ما يجعل الفرصة سانحة أمام المصارف و المؤسسات المالية الإسلامية على زيادة إستثماراتها في مجالات مثل إستخدام الطاقة المتجددة وترشيد إدارة الموارد المائية ، وكذلك في البحوث والصناعات الزراعية والبيئة والمناخ والإسكان ومكافحة التصحّر وذلك من منطلق تشجيعها التعليم والتأهيل والتدريب المهني للشباب وتوجيههم نحو الإختصاصات المستقبلية الواعدة التي ستحتاجها أسواق العمل في الإقتصادات الخليجية الصاعدة ، بغية رعاية قدراتهم وتمكينهم بالتالي من التعامل بكفاءة مع مخرجات التكنولوجيا الذكية ، بإعتبارها شرطاً ضرورياً لأي إستدامة تنموية خليجية متسارعة الخطى ومتعددة الإتجاهات ، ما يفضي بدوره إلى صعود نجم التنافسية الإقتصادية الإسلامية في سماء دول مجلس التعاون الخليجي ذات الموارد المالية الكافية للإستثمار من أجل تحسين وتوسعة أسواقها التجارية وخلق مزيد من فرص العمل والتحوط لأمنها الغذائي وصولاً إلى إرساء دعائم إقتصاد خليجي متين ومتنوع ومستدام .