يدخل القطاع المصرفي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرحلة من التغيير الرقمي الشامل. وسيؤثر هذا العصر الجديد إيجابياً على المؤسسات المالية التي تتبنى هذا التغيير الذي يتطلبه العصر الرقمي، وفي الوقت عينه فإن التغيير نفسه سيعيق المؤسسات التي لا تتبع العصر الجديد. التوجهات الخمس الرئيسية المتوقّعة في العام 2017 هي كالتالي:
-
الأعمال المصرفية الرقمية: الأعمال المصرفية الرقمية ابرزت نموذج عمل جديدا بالكامل، والأمر لا يرتبط فقط بالحصول على تطبيقات الجهاز النقّال، بل يستلزم نهجاً جديدا محددا، مدعوماً بالعالم الرقمي. البنوك الناجحة ستطلق وتطوّر نماذج عمل جديدة مع عروض مميزه بقيمتها وأسعارها التنافسية، فيما تحقق تكاليف تشغيلية أقل. في السنوات المقبلة، سيساهم هذا الأمر بتعزيز مكانة تلك المؤسسات وزيادة حصتها في الأسواق مما يقوي علامتها التجارية في العالم الرقمي.
-
البيانات الكبيرة والتحليلات: لقد أصبحت البيانات الكبيرة حديث الساعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدى السنوات الماضية، وحققت تقدّما أبطأ مما كان متوقّعا لها. والسبب في ذلك، هو إما توفّر بيانات خاطئة أو غير مكتملة، أو مجموعات محدودة من البيانات العامة، إضافة الى نقص في القدرات الداخلية. مثلا، ما هو عدد المؤسسات المالية التي يمكنها القول بأن لديها مجموعة قوية من علماء البيانات، أو بأنها طبّقت علم تحليلات البيانات عند وضع سيناريوهات خاصة بالعملاء؟ لقد شهدت البنوك التي تعمل بادارة جيدة وعياً متزايداً، ويتوقّع منها ان تبدأ باعتماد انظمة تستوعب البيانات الكبيرة وتجري التحليلات المتقدّمة لرحلة العملاء وتعديل انظمة ادارتها وفق النتائج الجديدة.
-
الأمن السيبراني: في ضوء الزيادة الحاصلة في الهجومات السيبرانية والخروقات في المؤسسات المالية العالمية والاقليمية، سيبرز الأمن السيبراني، ولأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كواحد من أبرز الأولويات بالنسبة للرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارة. المؤسسات المالية التي استبقت الأمر وأدخلت عنصر الأمن السيبراني بفعالية في أطر العمل الخاصة بالمخاطر، ستستثمر بقوة في بناء القدرات الصحيحة وهياكل الحوكمة. وسيؤدي هذا الأمر بالمقابل الى تمكينها بقوة لمواجهة الحوادث المحتملة التي يمكن أن تضرّ بعملياتها وبسمعتها.
-
الرقمنة المتقدّمة: يستمرّ العملاء بتوقّع المزيد من البنوك التي يتعاملون معها: فهم يريدون خدمات سريعة، سهلة التطبيق، وتكاليف محدودة وشفافية. ونتيجة لذلك، نتوقّع رؤية فرص جديدة في مواقع أكثر تقدّما كالتحليلات التوقّعية والتعلم من الأجهزة، والأجهزة القابلة للارتداء، والاستشارات الروبوتية ودعم العملاء والكثير غيرها، والتي انتشرت بكثرة في المنطقة حتى اليوم. البنوك التي تتبنى هذه التقنيات المدعومة بدراسة نماذج الاعمال واتجاهات العملاء البارزة، ستستفيد على المدى القصير من مكانة أبرز لعلامتها. أما على المدى المتوسط، فستساعد هذه التقنيات في إرساء قاعدة للامكانيات المطلوبة اللازمة للموجة الجديدة من طلبات العملاء.
-
استحداث وظائف متخصصة: التغيير الرقمي في قطاع الخدمات المالية سيؤدي دورا رئيسيا في استحداث الوظائف للمتخصصين ويتطلب المزيد من المهارات الرقمية المتقدّمة. سيتم ضم المزيد من الموظفين الذين سيؤدون دورا مهما في مجالات كعلم البيانات وتصميم وجهات المستخدم وتصميم تجربة العملاء وتطوير التطبيقات والمدفوعات الرقمية، والأمن السيبراني والحوكمة الرقمية.
-
المناخ الاقتصادي لعام 2017 سيؤدي الى إطلاق مبادرات جديدة محدودة من قبل غالبية المؤسسات المالية. وفي المقابل، سيضاعف الحكّام وأصحاب الرؤية الاقليميون جهودهم في مبادرات رقمية بالغة الأولوية. أولئك الذين يختارون قيادة مبادرات أعمال واضحة وهادفة سيحصدون أرباحاً طائلة في السنوات المقبلة، بينما يتمكّن الذين يركّزون بشكل كبير على التكنولوجيا فقط من اجل التكنولوجيا من تعزيز علامتهم التجارية لكن سيخيب أملهم بالنتائج.
بقلم شارل حبق
مدير مشاريع الخدمات المالية لدى بوز ألن هاملتون