دخل آلاف المحامين التونسيين في إضراب عام هو الثاني في نحو شهر، للاحتجاج على مشروع قانون جديد، يفرض عليهم ضرائب جديدة وذلك في تصعيد للضغوط على الحكومة، بسبب ميزانية تقشفية للعام المقبل، قبل أيام من عقد مؤتمر دولي للاستثمار.
وترزح الحكومة تحت ضغط قوي بالفعل بسبب ميزانية 2017 التي قال عنها رئيس الوزراء يوسف الشاهد، إنها الأكثر إثارة للجدل في تاريخ تونس، بسبب حزمة إجراءات منها إقرار ضرائب جديدة لمهن مثل المحامين والأطباء والاتجاه لتجميد الأجور ورفع الضرائب على الشركات.
وفي ساحة باردو أمام مقر البرلمان الذي بدأ مناقشة ميزانية 2017 تجمع مئات المحامين مرتدين أزياء المرافعة ورافعين شعارات ضد الحكومة من بينها "المحاماة حرة حرة والحكومة على برة" و"يسقط يسقط هذا القانون، هذه الميزانية". واستقبل رئيس البرلمان وفدا من المحامين لمناقشة مطالبهم.
وهددت عمادة (نقابة)المحامين بتصعيد احتجاجاتها وتحويله إلى إضراب مفتوح في حال تم المضي قدما في القانون التي وصفته بأنه انتقائي وظالم. والشهر الماضي أيضا نفذ المحامون إضرابا عاما ضد فرض ضرائب جديدة.
وتنامي الاحتجاجات على قانون المالية هو أشد اختبار لقدرة حكومة يوسف الشاهد على احتواء الاحتقان المتنامي بعد نحو ثلاثة أشهر من تسلمه رئاسة الوزراء خلفا للحبيب الصيد الذي أقاله البرلمان بدعوى فشله في انعاش الاقتصاد وتسريع الإصلاحات.
ويأتي ارتفاع منسوب التوتر الاجتماعي بينما تستعد تونس لعقد مؤتمر دولي كبير للاستثمار في 29 و30 نوفمبر الحالي بحضور عديد المستثمرين وقادة دول من بينهم أمير قطر ورئيس الوزراء الفرنسي. وستعرض تونس خلال المؤتمر مشاريع بقيمة 50 مليار دولار.
وفي ميزانية العام المقبل التي يناقشها البرلمان حاليا ينص القانون الجديد على فرض ضريبة على كل المحامين قيمتها بين ثمانية دولارات و25 دولار عن كل قضية يكلف بها المحامي.
وتحت ضغط المقرضين الدوليين تعهد رئيس الوزراء الشاهد بإجراءات من بينها زيادة الضرائب على قطاعات مثل الأطباء والمحامين وتجميد زيادة الأجور في القطاع العام ورفع الضريبة على الشركات.
وقال الشاهد إن تونس تمر بأوقات صعبة ويتعين أن يتقاسم جميع التونسيين التضحيات لإنقاذ الاقتصاد العليل. لكن مقترحاته أثارت موجة غضب ولاقت معارضة قوية من النقابات.
ورفض اتحاد الشغل ذو التأثير القوي القانون بشدة وهدد بإضراب عام وقال إن قرار تجميد الأجور ينطوي على جور اجتماعي وظلم للطبقات الضعيفة. ورفض اتحاد الصناعة والتجارة مقترح الحكومة زيادة الضريبة على المؤسسات.
ويوم الأربعاء قالت نقابة المدرسين التي تضم عشرات الآلاف إنها ستنظم أيضا احتجاجا كبيرا أمام مقر رئيس الوزراء في 30 نوفمبر تشرين الثاني وهو اليوم الثاني لمؤتمر الاستثمار وذلك للاحتجاج على قانون المالية وعدم استجابة السلطة لمطالبهم المادية.
ورغم الإشادة التي حظي بها الانتقال الديمقراطي السلس في تونس فإن كثيرا من التونسيين يشعرون بالضيق من الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف المعيشة ونقص حاد في فرص العمل، ويخشون أن تؤدي الإجراءات الحكومية في 2017 إلى تفاقم مصاعبهم.
وتتضمن الموازنة التونسية لعام 2017 قروضا أجنبية بقيمة 2.78 مليار دولار أي نحو مثلي الاحتياجات التمويلية للعام الماضي للمساعدة في تغطية العجز المتوقع أن يصل إلى 5.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.