بات واضحا وجليّا انه ممنوع على المارد ان ينهض مجددا. سنوات من الحرب الاهلية دمّرت لبنان، الذي تمت اعادة اعماره في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي ترأس حكومات في لبنان لخمس دورات، وشكل اسمه عامل جذب لرجال الاعمال العرب والاجانب وللاستثمارات واقامة الشركات في لبنان، الذي كان سيتحول الى مركز مالي واقتصادي، لولا عملية اغتياله في 14 شباط 2005.
ومنذ العام 2005 ولبنان يشهد تراجعا على كافة الاصعدة. فان تكلمنا عن السياسة فأهلها يلهون بالتجاذبات وعرقلة المشاريع، ونصب الافخاخ لبعضهم ومحاربة نفسهم حتى.
أما اقتصاديا حدث ولا حرج ، فالتراجع سيد الموقف، لارتباط الاقتصاد بالسياسة، وتأثره بغياب الامن والاستقرار، والاوضاع في الدول المحيطة، حتى موازنة الدولة لم تقر منذ العام 2005، كما ان القطاعات الانتاجية جميعها تعاني ، من زراعية وتجارية وخدمية وصناعية وسياحية، ولم يكن هناك الا المصارف والعقارات والتعليم ، بين القطاعات التي تنمو، علما ان القطاع التربوي مليء بالمشاكل.
وعلى الصعيد الاجتماعي فالفساد يستشري، ليخسر لبنان ايرادات تقارب 36 مليار دولار ما بين العام 2005 والعام 2014 بسبب الرشاوى والصفقات الجانبية والغش وسرقة المال العام، اضافة الى الواقع الاجتماعي الذي يزيد تراجعا وتخلفا، وينعكس على نفوس الناس.
صحياً، لا نزال نرى المرضى يموتون على ابواب المستشفيات، وسط غياب الرقابة والمحاسبة، ولا نزال نسمع بين الحين والآخر عن ادوية فاسدة ومأكولات منتهية الصلاحية.
أما تشريعياً، فالقوانين كلها في لبنان لم تعرف التحديث، لتصبح غير متماشية مع ايامنا، ولتسبقنا الدول التي كانت وراءنا.
وتنمويا، هناك ندرة لمشاريع البنى التحتية، وهي المشاريع المطلوبة لجذب الاستثمارات، وسط انقطاع للمياه وتقنين للكهرباء.
قطاع الاتصالات بين القفزة والألزهايمر، بسبب غياب التغطية في بعض المناطق وتحميل الشبكة اكثر من قدرتها، ان على صعيد الخلوي او الانترنيت.
القدرة الانتاجية للبنانيين تتلاشى وايام العمل في السنة تتراجع بسبب الاحداث والاضرابات والتظاهرات، للمطالبة بأبسط حقوق الناس والقوى العاملة.
المخاطر تتزايد، والشباب يهاجر، الا من لم يتمكن من الفوز بفرصة للعمل في الخارج، وسط غياب كامل للاستثمارات الاجنبية والعربية التي تخلق فرص عمل للشباب اللبناني، وفي ظل نزوح مليون ونصف المليون سوري، أسس بعضهم مؤسسات وشركات، تنافس نظيرتها اللبنانية خصوصا العمالة الرخيصة منها.
دول العالم تسبق لبنان بالتطور، واللبنانيون يلعبون ويلهون. الى الوراء درّ دون ان يعلموا ان كل هذا التراجع، سينعكس سلبا على مستقبل اولادهم. تسع سنوات لم يحقق فيها لبنان الا التراجع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
فأي سياسي قادر على قيادة لبنان ولمّ الشمل، وإعادة الثقة الى البلاد والنهوض بالاقتصاد ؟ هل سيحصل ذلك ؟ هل نحن بحاجة الى أعجوبة تفرض على اللبنانيين الولاء للوطن؟ أم انه ممنوع على المارد "لبنان" ان ينهض من جديد، لتستفيد بقية الدول من جموده ؟
بقلم باسل الخطيب
رئيس تحرير موقع BusinessEchoes.com
[email protected]