أصدرت وكالة التصنيف الدوليّة فيتش هذا الأسبوع بياناً صحفيّاً تبدي فيه آراءها حول الإنتخابات النيابيّة الأخيرة التي جَرَت في لبنان في 6 أيّار 2018 وحول الحقبة التي ستليها.
في التفاصيل، إعتبرت الوكالة أنّ هذا الحدث الذي طال إنتظاره يعكس التحسُّن المستمرّ منذ العام 2016 في النظام السياسي في لبنان، في حين إستبعدت أيّ تحوُّلٍ جوهريٍّ في الأوضاع السياسيّة للبلاد على الرغم من قانون الإنتخابات الجديد الذي تمّ إستخدامه. كذلك شدّدت الوكالة على الحاجة الماسّة لتشكيل حكومةٍ إئتلافيّةٍ دون أيّ تأخير بهدف رعاية عمليّة وضع السياسات بشكلٍ فعّال وتحفيز التدفّقات الماليّة إلى البلاد. في المقابل، أشارت فيتش إلى أنّه سيكون على أيّة حكومةٍ جديدة أن تقوم بإدارة المخاطر الجيوسياسيّة بحذرٍ وأن تعزِّز الإستدامة الماليّة مع الأخذ بعين الإعتبار النفقات الرأسماليّة الكبيرة المتوقَّعة. بالتحديد، ذكرت الوكالة مشاريع الإستثمار في البنى التحتيّة التي من المتوقَّع أن يتمّ تنفيذها خلال الأعوام القليلة القادمة تحت مظلّة برنامج الإستثمارات العامّة، لافتةً إلى أنّ مؤتمر سيدر الذي إنعقد في شهر نيسان يشكِّل مصدر دعمٍ أساسيٍّ لهذا البرنامج.
وقد كشف التقرير، في هذا الإطار، أنّه قد تمّ التعهّد بحوالي 11 مليار د.أ. للبنان من قِبَل المقرضين والمانحين الدوليّين خلال مؤتمر سيدر، إلّا أنّ تأمين هذه المبالغ يبقى رهن تبنّي التدابير الإصلاحيّة اللازمة. من ضمن هذه الإصلاحات، ودائماً بحسب فيتش، ينبغي على لبنان المضي في خطّةٍ ماليّةٍ تهدف إلى خفض العجز في الموازنة بحوالي 5 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي خلال فترة خمس سنوات، وذلك من خلال تحسين التحصيل الضريبي والتخفيف من التحويلات إلى شركة كهرباء لبنان، للذكر لا الحصر. في هذا السياق، تمّ إقرار قانون جديد للموازنة للعام 2018 في شهر آذار يتوقّع عجزاً نسبته 8.5 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي، وهو أدنى من العجز المستهدَف في قانون موازنة العام 2017 وأعلى من العجز الذي تمّ تسجيله فعليّاً خلال العام 2017. أيضاً فيما يختصّ بالماليّة العامّة، سلّطت فيتش الضوء على ضرورة تنفيذ الإصلاحات الماليّة التي غرضها الحدّ من تراكم الدين العامّ، مشيرةً إلى أنّ الإفتقار إلى مثل هذه الإصلاحات قد يحثّ البنك المركزي على اللجوء إلى عمليّاتٍ ماليّةٍ غير تقليديّة لتعزيز الإحتياطات بالعملة الأجنبيّة لديه، وتدفّق الودائع إلى المصارف، والثقة في ربط سعر صرف الليرة اللبنانيّة بالدولار الأميركي. بالتوازي، أشارت الوكالة إلى عمليّة الإستبدال بين مصرف لبنان ووزارة المال اللبنانيّة التي تمّ الإعلان عنها مؤخَّراً، والتي سيقوم من خلالها البنك المركزي ببيع سندات خزينة بالعملة الأجنبيّة (يوروبوند) بقيمة 2 مليار د.أ. قبل نهاية العام الحالي.
وبحسب ما ذكر التقرير الأسبوعي لبنك الاعتماد اللبناني، أكّدت الوكالة أنّ تصنيفها الإئتماني للبنان عند B- مع نظرةٍ مستقبليّةٍ مستقرّة يعود إلى هشاشة معدّلات النموّ الإقتصادي والماليّة العامّة في البلاد والمخاطر السياسيّة والأمنيّة السائدة، يقابلها قطاعٌ مصرفيٌّ صلبٌ، وسيولةٌ خارجيّةٌ متينة، وسجلٌّ تاريخيٌّ للبنان بعدم التخلّف عن دفع مستحقّاته في موعدها، وغيرها.