بقلم
عدنان أحمد يوسف-
الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية
إنطلاقاً من رسالة المصارف الإسلامية المّمثلة في إستلهام مبادىء و مقاصد الشريعة السمحاء يقتضي ترتيب أولويات الفئات والشرائح المستحقة للتمويل سنداً لمبدأ مؤداه إنه إذا كان هناك مستحقون للدعم والتمويل لكن هناك أيضاً من هم أكثر إستحقاقاً منهم ما يستلزم من المصارف الإسلامية تقصّي المعلومات الدقيقة عن حقيقة أوضاع مختلف الشرائح الإجتماعية حتى يتم إستعمال صيغ التمويل المتعددة على أساس من العدل و الإنصاف ، الأمر الذي يمثّل جوهر المسؤولية الإجتماعية لهذه المصارف والتي تتجلّى في تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة ولا سيما من خلال تمويل المنشآت الصغيرة و المتوسطة والمتناهية الصغر جرّاء الثقة المتزايدة بها والدور المتعاظم الذي تؤديه على مستوى العالم وخصوصاً ضرورة إعطائها الأولوية في هذا المضمار لتلك المنشآت المنتشرة في المناطق الريفية والنائية عن مراكز القرار السياسي توصلاً إلى وضع حد لسياسة الإقتصاد والتهميش المتبعة إزاءها و ذلك من أجل تثبيت سكان هذه الأرياف في أرضهم وتشجيعهم على الإستثمار فيها وإشعارهم بالتالي بالأمان والطمأنينة لمستقبلهم ومستقبل أسرهم و عائلاتهم .
وغني عن القول إن إستدامة نمو وإزدهار المصارف الإسلامية و صمودها في زمن الأزمات عائد إلى صدقيّة منطلقاتها وتوجهاتها في التمويل والإستثمار والرامية إلى الإستجابة لإحتياجات المستثمرين وسائر المتعاملين معها ما يشكّل تطبيقاً فعلياً للدور المنوط بها أصلاً وشرعاً والممثل في قيامها بمسؤولياتها الإجتماعية إلى جانب مهامها الأساسية الأمر الذي يدفع بها إلى مرحلة التنافسية العالمية التي تتطلب بدورها تطوير الجوانب التنظيمية والشرعية والتشغيلية وتلك المتعلقة بإدارة المخاطر فضلاً عن إدخال منتجات مصرفية إسلامية جديدة توازي أو تحاكي مثيلاتها في المصرفية التقليدية .
إذاً المصارف الإسلامية معنية بالتوسّع في التمويل الإجتماعي لقطاعات الصحّة والتربية والإسكان والبيئية كأن تمنح قروضاً ميسرة لخريجي الجامعات والمشروعات الحرفية ورعاية الأيتام ودعم المتفوقين ما يسهّل وصول خدمات هذه المصارف إلى مجتمعاتها المحلية والبيئة المحيطة بها أي إلى شرائح واسعة في المجتمع ما يفضي بدوره إلى زيادة في إستقطابها الودائع الأمر الذي يوضّح جلياً المسؤولية الإجتماعية للمصارف الإسلامية وحرصها على تطبيق التمويل المسؤول Responsible financing بحيث يستطيع الزبائن إدارة مديونياتهم بصورة مرنة تحول دون تحميلهم تكاليف ثقيلة وبالتالي تعزيز إمكاناتهم في أداء موجباتهم العائلية وأي مستلزمات أخرى علاوة على ضرورة تلبية المصارف الإسلامية إحتياجات ذوي القدرات الخاصة ( الصم والبكم والمكفوفين ) بإعتبارهم شرعية إجتماعية تتطلّع إلى فك قيود العزلة والغربة عنها سعياً إلى تعميق إنتمائهم وإندماجهم بسائرشرائح المجتمع ووصولاً إلى تحقيق أهداف المصارف الإسلامية في مقاربات تنموية إقتصادية وإجتماعية مستدامة .