إنتشرت في مدن إسبانيا منذ بدء الأزمة الاقتصادية، آلاف البساتين الجماعية التي ينظر إليها كثيرون كمتنفس ينسيهم هموم البطالة والضائقة المالية التي يعيشونها، كما أنها باتت أشبه بمساحات للتقارب الاجتماعي. وحسب غريغوريو باليستريو عالم الاجتماع في المجموعة الاسبانية للزراعة البيئية، فإن البساتين الحضرية التي ظهرت بداية في الولايات المتحدة وفي أوروبا الشمالية نهاية القرن التاسع عشر خلال فترة الثورة الصناعية "مرتبطة تاريخيا بظواهر أزمات" أو بحروب. أما اليوم فهي تصب أكثر في أطار السعي إلى الاكتفاء الغذائي والى توفير محيط بيئي ملائم. وفي سنة 2006، لم يكن في إسبانيا سوى 2500 بستان شعبي تشغل أقل من 26 هكتارا في 14 مدينة.
لكن بعد مرور ثماني سنوات واستفحال الأزمة الاقتصادية "سجل نمو مذهل" لهذه المواقع بحسب غريغوريو باليستروس الذي تحدث عن وجود 15 ألفا منها في 200 مدينة تغطي مساحتها أكثر من 166 هكتارا. في الأندلس على سبيل المثال، وهي المنطقة التي تسجل فيها أعلى نسبة للبطالة في إسبانيا مع حوالى 30 % في مقابل 22,4 % كمعدل على المستوى الوطني، شجعت الحكومة المحلية على إقامة "حدائق اجتماعية" للعائلات التي تعاني مشكلات اقتصادية. كما تظهر في أماكن أخرى من البلاد مبادرات خاصة كتلك المسماة "خوان توماتي" والموجهة للأشخاص المشردين. ويقول رجل كان مشردا اسمه فيكتوريانو كاستيلانوس البالغ 59 عاما بصوت مرتجف محاطا بمحاصيل الطماطم والخيار والفلفل والكوسى "إنه مخرج للولادة من جديد لأننا كنا أمواتا وعدنا إلى الحياة". هذا الرجل واحد من خمسة مشردين يزرعون هذا البستان العضوي للخضار والزهور والنباتات العطرية المؤسس من جانب دير سان خوان دي ديوس الكاثوليكي على مقربة من أحد ملاجئه في مدريد. ويتم استخدام الخضار المزروعة لإعداد الطعام داخل المركز. كذلك انتشرت البساتين الحضرية على الأراضي القابلة للبناء المهجورة من أصحابها منذ انفجار الفقاعة العقارية نهاية العام 2008. وتلفت الناشطة كانديلا مارتينيث البالغة 34 ان مناطق فيها بساتين اليوم كانت قبل أن يعيش فيها سكان الحي أرضا شاسعة، وأكواما من النفايات والحقن" المستخدمة لتعاطي المخدرات، واصبحت مساحة للالتقاء الاجتماعي، وهنا يتم العمل على بناء العلاقات والمشاعر.
ام سي الدولية.